سلمنا لكن أدلة الامارات لو قلنا بعدم جعل الحكم الظاهري على طبق مؤداها تنزلها منزلة اليقين فيرتب عليه آثاره التي منها عدم نقضه بالشك.
والحاصل ان الاستصحاب متقوم باليقين الفعلي أو ما نزله الشارع منزلته كالامارات المعتبرة والاصول المجعولة فاذا قامت الامارة المعتبرة على الحكم الشرعي وشك في بقائه استصحب مؤداها وهكذا لو قام أصل الطهارة على طهارة الثوب وشك في بقائها لأحتمال عروض النجاسة له استصحب تلك الطهارة الظاهرية كمن أعار ثوبه للذمي الذي لا يتقيد من الطهارة والنجاسة.
وحيث قد عرفت أن الاستصحاب متقوم بالشك الفعلي كما هو متقوم باليقين الفعلي فلا استصحاب مع عدمه ومن هنا يظهر لك أن المتيقن بالحدث اذا غفل عن حاله وصلى وبعد الصلاة احتمل انه قد تطهر وصلى فلا يجري في حقه الاستصحاب للحدث المتيقن سابقا ويحكم بصحة صلاته لقاعدة الفراغ بخلاف ما إذا شك قبل الصلاة ثم غفل ثم صلى كانت صلاته فاسدة لاستصحاب الحدث المتيقن سابقا ولا تنفع قاعدة التجاوز ولا قاعدة الفراغ لتمام أركان الاستصحاب قبل الصلاة فيكون محكوما بالحدث عند دخوله في الصلاة.
ان قلت سلمنا تحقق الشك بعد اليقين بالحدث قبل الصلاة وثبوت الحدث عند الشك إلّا انه لما كان أمرا ظاهريا استصحابيا كان دائرا مدار موضوعه وهو الشك فهو إنما يبقى ما دام الشك.
وبالغفلة يزول الشك ويزول الامر الاستصحابي ببقاء الحدث فلا حدث ظاهر حين الدخول في الصلاة فتجري قاعدة الفراغ والتجاوز بعد الصلاة.
نعم لو كان الشك موجودا حين الدخول في الصلاة كانت الصلاة فاسدة للأمر الاستصحابي ببقاء الحدث.
قلنا أنه لما صار محكوما بالحدث بواسطة الاستصحاب صار محدثا