أما لو كان مع أحد القولين أصل حاكم أو وارد على الأصل الموجود في الآخر فالأصل الجاري في السبب يقدم على الاصل في المسبب كما لو فرض كل من قال بانفعال الماء القليل يقول فى النجاسة للملاقي له وكل من قال بعدمه قال بالطهارة للملاقي له فالقول بطهارة الماء القليل وبقاء نجاسة الملاقي له خرق للاجماع لكن استصحاب طهارة الماء بعد الملاقاة حاكمة على استصحاب نجاسة الملاقي له ولو كان الاصلان في الجانبين في درجة واحدة فإن أمكن العمل بهما من دون مخالفة قطعية كاصالة البراءة النافي لوجوب الصوم ووجوب التقصير عمل بهما إذ لا محذور وان لم يمكن بأن كان أعمال الاصلين كل في مورده موجب للقول بالفصل وهو مخالفة لحكم المعصوم والمشرع قطعية.
إن قلت ان الاجماع المركب إنما يقتضي الملازمة بين الحكمين في الواقع لا في الحكم الظاهري فإن كل من شطري الاجماع ناظر للواقع والقول بالفصل كان من جهة الأصل فيكون تفصيلا في الظاهر وتجوز المخالفة القطعية في الحكم الظاهري للواقعي لأن الأحكام الظاهرية مجعولة للاشياء في مرتبة الجهل بها وهي غير مرتبة الواقع ، ألا ترى انهم يحكمون بتنصيف العين بين الاثنين اللذين ادعياها ولا يد لهما أو لهما يد عليها ويرتب أحكام للزوجية على المقر من الزوجين دون الآخر وتخيير المقلد استمرارا بين الأخذ من المجتهدين المختلفين فيقلد في جمعة أحدهما في وجوب الجمعة والآخر في الجمعة الأخرى في حرمتها :
قلنا ما ذكرته من الأمثلة إنما هو في الموضوعات ونحن كلامنا في الاحكام ولعل من جوّز ذلك في الموضوعات لتنزيل حكمهم فيها على الخروج الموضوعي ولو بمقتضى الأصل الموضوعي فلا يسري