به ومرجع الاستدلال بهما حينئذ إثبات الملزوم بالدليل المفروض وإحراز الملازمة بالاجماع المركب فالدليل المفروض له مدلول مطابقي في موضوعه ومدلول التزامي شرعي وهو مثل هذا الحكم في البعض الآخر ولما كانت الملازمة لا بد لها من دليل فالدليل عليها الاجماع المركب وعدم القول بالفصل فلو اختلفت الأمة في مسألة كون مسير أربعة فراسخ موجبا لتقصير الصلاة وإفطار الصوم مثلا على قولين مع الاتفاق على أن لا فصل بين المسألتين ووردت رواية في إحدى المسألتين خاصة كما لو فرض ورود قوله : قصر صلاتك بأربعة فراسخ مثلا كان ذلك موردا للاستدلال بالاجماع المركب وعدم القول بالفصل فيقال يجب التقصير في الصلاة للرواية وكذلك الافطار في الصوم للملازمة الثابتة بالاجماع المركب وعدم القول بالفصل إذ كل من قال بوجوب التقصير قال بوجوب الافطار أيضا وكل من قال بعدم وجوب الافطار قال بعدم وجوب التقصير أيضا.
وبالجملة الرواية المفروضة تدل بالمطابقة على وجوب التقصير بالملازمة الشرعية على وجوب الافطار ودليل الملازمة الاجماع المركب ولو وردت رواية تدل على حرمة الافطار ينعكس الأمر ولو وردتا معا يقع التعارض بينهما بواسطة الاجماع المركب لوضوح ثبوت الملازمة بسببه بين الطرفين في كل من الاثبات والنفي فلا بد حينئذ من العلاج بترجيح أحدهما على الآخر ومع عدم المرجح فالتخيير بينهما ابتداء لا استمرارا حذرا من المخالفة القطعية لحكم المشرع الذي أحرز وجوده مع أحدهما وتحقيق الحال يطلب مما حررناه في كتابنا النور الساطع في وظيفة المجتهد عند تعارض الروايتين أو العلم بأحد الحكمين.