دلت على وجوب القبول بإنذار المنذرين ولو كانوا آحادا نظير ما استدل به صاحب المسالك على قبول أخبار النساء عما في أرحامهن بقوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) ودعوى أن المستفاد منها ليس إلا مطلوبية الحذر عقيب الانذار ومن الممكن أن يتوقف وجوبه على حصول العلم بالواقع ولذا أتى (بلعل) فهي نظير ما دل على وجوب إرشاد الناس وبيان المعارف الدينية لهم فإنه لا يقتضي وجوب القبول مطلقا حتى لو لم يحصل العلم بالواقع.
ولا نسلم ما ذكره صاحب المسالك من الدلالة فاسدة فإنها مضافا إلى ظهورها في كونها تقريرا لما عليه بناء العقلاء من العمل بانذار المنذر الموثوق به أنها ظاهرة في مطلوبية الحذر عقيب الأنذار مطلقا.
ومجرد إمكان توقف وجوب الحذر على حصول العلم لا يقدح في الظهور اللفظي فلو كان وجوب الحذر مقيدا بالعلم بالواقع لنصب قرينة على التقييد وأصالة الاطلاق تقتضي نفي التقييد وقد يستدل بالآية بتوجيه آخر أنه لا ينكر أن الآية ظاهرة في وجوب الحذر بمجرد الانذار من غير توقف على شيء آخر وقد كان الانذار مطلقا غير مقيد فكذا الحذر كذلك وإلّا لم يكن مرتبا على الانذار المطلق ومن الآيات آية الكتمان وهي قوله تعالى : (الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ) بتقريب أن حرمة الكتمان تستلزم وجوب القبول عند الاظهار وإلا فلا فائدة لإظهاره نظير ما ذكرناه في آية النفر.
ويرد عليه أنه لا ملازمة بينهما إذ وجوب الإظهار قد يكون للتنبيه على الحكم حتى يبحث عنه فيحصله من الدليل أو يحصل منه العلم فيقبل فهي نظير الأمر بإظهار الحق. ونظير الأمر بأداء الشهادة للحاكم من الواحد ولا يجب على الحاكم القبول إلا إذا أنظم إلى الآخر ولم يكن