لا يرتكبه عاقل.
فعلم من ذلك أنّ هذا الاعتراض من الإمام مثل اعتراضه الثاني ، بل مثل إيرادات صاحب المحاكمات إنّما نشأ من الغفلة عن التدبّر في كلام الشيخ وعن سوء الفهم منه.
ثمّ إنّ الجواب الذي أجاب به المحقّق الطوسي عن هذا الاعتراض ، جواب صواب ، وكأنّه أيضا مبنيّ على بساطة النفس بساطة ذاتيّة مطلقة ، وعلى أصالتها في القيام أصالة مطلقة ، كما بنينا توجيه كلام الشيخ على ذلك.
وما ذكره أوّلا من بيان أنّ النفس لا يمكن أن يكون لها هيولى مطلقا وإن كانت مخالفة لهيولى الأجسام ، حيث احتمل في ذلك احتمالات وأبطل كلّها ، فأثبت بذلك عدم ثبوت هيولى أو كالهيولى لها ، غنيّ عن البيان.
وأمّا ما ذكره أخيرا بقوله : «ثمّ إنّ الصورة المقيمة إيّاها والكمالات التابعة لتلك الصورة لا يجوز أن تفسد وتتغيّر بعد انقطاع علاقتها عن البدن ، لأنّ التغيّر لا يوجد إلّا مستندا إلى جسم متحرّك كما تقرّر في الاصول الحكميّة ، فهو كأنّه يحتاج إلى بيان ، به يندفع الإيراد عنه ، وهو أنّه ادّعى أنّه قد تقرّر في الاصول الحكمية مثل ما نقلنا عن الشيخ في الشفاء في وجه تغيّر الكائنات الفاسدات من الأجسام ، أنّه إذا كان هناك صورة قائمة بمادّة هي بالقوّة قابلة لكلا الضدّين ، أي لقبول صورة حادثة فيها وكذا لقبول فساد تلك الصورة عنها فحينئذ يمكن أن تفسد تلك الصورة عنها ، وبه يتحقّق فساد ذات تلك الصورة القائمة فسادها بمادّتها حيث فسدت ذاتها في ذاتها وفسدت عن مادّتها ، وكذا يتحقّق به فساد ذلك المركّب من تلك الصورة وتلك المادّة ، حيث فسد جزؤه ، وفساد الجزء مستلزم لفساد الكلّ ، أو أنّه إن كان هناك جسم مركّب من مادّة وصورة وكان ذلك الجسم موضوعا لعرض ما قابلا لذلك العرض ولضدّه أمكن أن يفسد ذلك العرض عنه بطروء ضدّه عليه ، وإن لم يستلزم ذلك فساد ذلك الموضوع نفسه ، لعدم كون ذلك العرض جزءا منه ولا مقوّما له. وكان ما ذكرنا هو معنى قوله : لأنّ التغيّر لا يوجد إلّا مستندا إلى جسم متحرّك ، أي إنّ التغيّر أي فساد الصورة أو فساد العرض لا يوجد إلّا مستندا إلى جسم مركّب من مادّة وصورة متحرّك ، أي متغيّر في صورته عن مادّته مستلزم تغيّره تغيّرا في ذات تلك الصورة نفسها ، وكذا في ذلك الجسم المركّب في جزئه ، أو متغيّر في ذلك العرض بحيث استلزم