بعضهم أيضا ، لو عنوا بهما معنى هو عرض ، فاللازم عليهم في القول بمعاد النفس إن قالوا به إعادة المعدوم بالمرّة بعينه ، لأنّ العرض كما هو المحقّق عند أهل المعقول ينعدم بالكلّية بانعدام موضوعه ، فلو قالوا بإعادته ، فإمّا أن يقولوا بتجويز إعادة المعدوم بالمرّة ، وهو باطل كما سيجيء بيانه. وإمّا أن يقولوا بامتناعها ، ويصحّحوا أمر معادها بأنّ بقاء أجزاء البدن بمادّتها ، أو بقاء أجزائه الأصلية بمادّتها وصورتها لو قالوا بها وبأنّها غير النفس بل هي أجزاء البدن ، كاف في كون المعاد في النشأة الاخرويّة عين المبتدأ ، وإن كانت النفس المعادة غير النفس الاولى المبتدأة بالذات ، ومماثلة لها من وجه ، حيث إنّه يجوز أن يفاض على ذلك البدن المعاد مثل ذلك المزاج الأوّل مثلا ، وهذا أيضا باطل ، لكونه خلاف ما يدلّ عليه العقل ؛ فإنّ الشخص المعاد ينبغي أن يكون هو الشخص المبتدأ نفسا وبدنا جميعا ، لكونه عبارة عنها أجمع ، لا بدنا وحده ، وكذا هو خلاف ما يدلّ عليه الشرع كالآيات ، لأنّها تدلّ على إعادة النفس الاولى أيضا كما تدلّ على إعادة البدن الأوّل المبتدأ ، فتبصّر.
إلّا أنّا لم نظفر فيما نقل من القول بالمعاد ، القول بكون النفس عرضا من أحد ، وإنّما ذلك القول لبعض من قدماء الحكماء الطبيعيّين المنكرين للمعاد ، كما عرفت ممّا نقلناه سابقا.
وبالجملة فالمعاد على كلّ تقدير من التقديرات المذكورة ، جسماني فقط.
وأمّا الذين قالوا بأنّ النفس جوهر مجرّد باق بعد خراب البدن ـ كما هو الحقّ وسيأتي تحقيق القول [فيه] ـ فهؤلاء لو قالوا بمعاد البدن أيضا كما نطق به الشرع الشريف ، فالذي يلزم عليهم أن يقولوا إنّ موت النفس عبارة عن قطع تعلّقها عن البدن ، وإنّ معادها عبارة عن عودها وتعلّقها مرّة اخرى بذلك البدن الأوّل المعاد الذي عرفت أنّه عين الأوّل باعتبار ، ومثله باعتبار آخر ، ويكون المعاد على هذا التقدير روحانيّا وجسمانيّا جميعا. أمّا الروحاني فباعتبار عود النفس إلى البدن مرّة اخرى وهو جسم. وسيجيء بيان أنّ الشخص المعاد على هذا التقدير هو بعينه الشخص المبتدأ وأنّ لا إشكال فيه أصلا ، فانتظر. ولو قالوا بمعاد النفس فقط ولم يقولوا بمعاد البدن كما نسب ذلك إلى الحكماء الإلهيّين فالذي يلزم عليهم أن يقولوا بالمعاد الروحاني خاصّة دون الجسماني ، ويرد عليهم إشكالان.