جهة تلك الصورة ؛ ويكون صدور الأحوال عن تلك الصورة بذاتها. وإن كان بتوسّط هذا الجسم ، فيكون المبدأ الأوّل تلك الصورة ، ويكون أوّل فعله بوساطة هذا الجسم ، ويكون هذا الجسم جزءا من جسم الحيوان (١) مثلا لكنّه أوّل جزء يتعلّق به المبدأ ، وليس هو بما هو جسم إلّا من جهة جملة (٢) الموضوع ، فتبيّن (٣) أنّ ذات النفس ليس بجسم ، بل هو (٤) جزء للحيوان والنبات ، هو صورة (٥) أو كالصورة أو كالكمال.
فنقول الآن : إنّ النفس يصحّ أن يقال لها بالقياس إلى ما يصدر عنها من الأفعال : قوّة ، وكذلك يجوز أن يقال لها بالقياس إلى ما يقبلها من الصورة (٦) المحسوسة والمعقولة على معنى آخر : قوّة (٧) ، ويصحّ أن يقال أيضا (٨) بالقياس إلى استكمال الجنس بها نوعا محصّلا في الأنواع العالية أو السافلة : كمال ، لأنّ طبيعة الحسّ تكون ناقصة غير محدودة ما لم يحصّلها (٩) طبيعة الفصل البسيط وغير البسيط منضافا إليها ، فاذا انضاف كمل النوع. فالفصل كمال النوع بما هو نوع ، ليس (١٠) لكلّ نوع فصل بسيط ، قد علمت هذا : بل إنّما هو للأنواع المركّبة (١١) من مادّة وصورة ، والصورة فيها (١٢) هو الفصل البسيط لما هو كمال له ، ثمّ كلّ صورة كمال ، وليس كلّ كمال صورة ؛ فإنّ الملك كمال المدينة ، والربّان كمال السفينة ، وليسا بصورتين للمدينة والسفينة ، فما كان من الكمال مفارق الذات ، لم يكن بالحقيقة صورة للمادّة وفي المادّة ؛ فإنّ الصورة التي هي في المادّة ، هي الصورة المنطبعة فيها القائمة بها. اللهمّ إلّا أن يصطلح فيقال : كمال (١٣) النوع صورة النوع. وبالحقيقة فإنّه قد استقرّ الاصطلاح على أن يكون الشيء بالقياس إلى المادّة صورة ، وبالقياس إلى الجملة غاية وكمالا ، وبالقياس إلى التحريك مبدأ فاعليّا وقوّة محرّكة. وإذا كان الأمر كذلك ، فالصّورة تقتضي نسبة إلى شيء بعيد من ذات الجوهر الحاصل منها ، وإلى شيء يكون (١٤) الجوهر الحاصل هو ما هو بالقوة ، وإلى شيء لا ينسب (١٥) الأفاعيل إليه ، وذلك الشيء هو المادة ،
__________________
(١) في المصدر : من جسم الحيوان ، لكنه ...
(٢) إلّا من جملة الموضوع ...
(٣) فبيّن ...
(٤) بل هي جزء ...
(٥) والنبات هي صورة ...
(٦) الى ما تقبله من الصور المحسوسة ...
(٧) قوّة ، ويصح أن يقال لها أيضا بالقياس الى المادّة التي تحلّها ، فيجتمع منهما جوهر نباتيّ أو حيواني : صورة ،
(٨) ويصحّ ... لها أيضا بالقياس ...
(٩) ما لم تحصّلها طبيعة ...
(١٠) وليس لكلّ نوع فصل ...
(١١) للأنواع المركّبة الذوات ...
(١٢) والصورة فيها هو ...
(١٣) فيقال لكمال النوع ...
(١٤) شيء يكون به الجوهر ...
(١٥) لا تنسب الأفاعيل.