الناطقة الإنسانيّة ـ كما فعله ـ أو على كونها مغايرة للبدن وأجزائه ومزاجه وقواه وأعراضه ـ كما فعله المحقّق الطوسي (ره) في التجريد ـ يردّ عليها أنّها منقوضة بسائر الحيوان ـ كما قالوا ـ بل بالنبات أيضا ، حيث إنّ جسمه وأجزاءه دائما في التبدّل والتغيّر بالاغتذاء والنشو والنماء ، مع أنّا نعلم بالضرورة أنّ ذاته باقية بعينها من أوّل زمان وجوده إلى منتهاه.
وما نقله عن الشيخ وتلامذته وغيرهم من الحكماء ، لو كانوا قالوا به ، فيردّ على إنكارهم تارة بقاء الذات فيما سوى الإنسان أنّه مكابرة ، حيث إنّه خلاف ما يحكم به العقل السليم والحدس المستقيم ، وعلى إثباتهم تارة للجميع ـ أي لجميع أفراد الحيوان من الإنسان وغيره ـ نفسا عقلانيّة ، أنّهم إن أرادوا بالنفس العقلانيّة ما هو مناط التكليف كما في الإنسان ، فذلك خلاف ما هو ضروري عند جميع العقلاء وفي جميع الملل والأديان ، وحينئذ فلا يصعب الفرق بين الإنسان وغيره في ذلك ، وإن أرادوا بها غير ما هو مناط التكليف ، أي نفسا مجرّدة عقلانيّة في الجملة ، هي أقلّ تعقّلا من النفس الإنسانيّة وأدون تجرّدا منها ، لم تبلغ مرتبة هي مناط التكليف ، بناء على ادّعاء أنّ النفس العقلانية المجرّدة يمكن أن يتفاوت مراتبها في التعقّل والتجرّد المستند إلى ذلك التعقّل ، كما يشاهد في الإنسان. حيث إنّ النفوس الإنسانيّة بعضها في مرتبة العقل الهيولانيّ ، وبعضها في مرتبة العقل بالملكة ، وبعضها في مرتبة العقل بالمستفاد ، وبعضها في مرتبة العقل بالفعل ؛ ومع ذلك فلبعضها تلك المرتبة بالنسبة إلى بعض المعقولات أقلّها أو أكثرها ، ولبعضها بالنسبة إلى كلّها أو جلّها. وبناء على ادّعاه أنّ أقلّ تلك المراتب من التعقّل وأدونها في التجرّد ـ كما في النّفوس الحيوانيّة ـ وإن كان يتحقّق فيه أصل التعقّل والتجرّد المترتّب عليه بعض أحكام التجرّد وخواصّه ، لكون تلك النفس يمكن أن تكون باقية بعد خراب بدنها ، لكونها مجرّدة بتلك المرتبة من التجرّد ، وحاصلا لها أصل التجرّد ، لكي يمكن تصحيح معاد الحيوانات أيضا لو قلنا به ، كما في الإنسان ، على ما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى ؛ إلّا انّ تلك المرتبة من التجرّد والتعقّل لا تكون مناط التكليف أصلا ، لا