منه مقبوض بيد الملك ، وباق في مصرع بدنه في بطن الأرض ، حيث كان مسقط أجزاء بدنه كلّها أو معظمها أو بعضها ، أو مسقط أجزائه الأصليّة ، أو مودع في الأرض حيث أذن الله تعالى في إيداعه ، وإن لم يكن مسقط بدنه ، وإن لم يكن باطن الأرض بل ظاهرها.
وقوله عليهالسلام في جواب سؤاله : «فأخبرني عن الروح ، أغير الدم؟»
إشارة إلى أنّ ذلك الجسم اللطيف مادّته ومعدن تولّده الدم ، كما قاله الحكماء ، من أنّه جسم بخاريّ يتولّد من الدّم الذي في القلب وما يليه في ذلك.
وقوله عليهالسلام في جواب سؤاله (١) «فهل توصف بخفّة أو وزن أو ثقل» إشارة إلى أنّه مع كونه متولّدا من الدم ، مجانس للريح في صفاته وأحواله وخواصّه كما بيّنه عليهالسلام وسبقت الإشارة إليه.
وقوله عليهالسلام في جواب سؤاله : «أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟» إشارة أيضا إلى بقائه بمادّته وصورته إلى يوم ينفخ في الصور ، وأنّ المتلاشي هو أجزاء البدن.
وقوله عليهالسلام : «فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى» لعلّ المراد به ـ والله أعلم ـ بطلان الأشياء بصورها ، لا انعدامها بالمرّة ، كما حقّقنا القول فيه فيما سبق ، فتذكّر.
وقوله عليهالسلام في جواب سؤاله : «وأنّى له البعث ، والبدن قد بلي والأعضاء قد تفرّقت ـ إلى آخره ـ» إشارة إجماليّة إلى ما يرتفع به استبعاد السائل للبعث وإلى كيفيّة العود والحشر وهي أنّ القادر الّذي أنشأ الإنسان من غير شيء ، وصوّره على غير مثال كان سبق إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه ، أي أن يعيد الأمر الباقي منه ، ويجمع المتفرّقات منه ، فيصوّر مرّة اخرى كما بدأه من غير شيء ، وإن كان البدن قد بلي والأعضاء قد تفرّقت ، فعضو ببلدة يأكله سباعها ، وعضو بأخرى تمزّقه هوامّها ، وعضو قد صار ترابا بني به من الطين حائط ؛ بل إنّ إعادته على هذا الوجه أهون عليه من البدء ، كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
__________________
(١) في المتن «جوابه» ، والظاهر ما أثبتناه.