وعلى الأوّل ، فكيف يكون ذاتي الشيء مختلفا؟ وكيف يمكن أن يكون مقتضي الذات لا يترتّب عليها؟ وكيف يمكن أن ينقلب الذّات مع أنّ كلّ ذلك محال بالضّرورة؟
وعلى الثّاني ، فلا سترة في أنّ ذلك معنى عرضيّ لازم لها ؛ فكيف يمكن أن يترتّب عليها ذلك العرضيّ تارة وأن لا يترتّب اخرى؟ وكيف يمكن أن ينقلب العرضيّ اللازم إلى العرضيّ المفارق؟ وهذا بيان الشبهة.
وأمّا بيان الجواب عنها : فهو أنّ ماهيّة الجوهر ـ على ما يقتضيه حدّه ـ بمعنى أنّه الموجود في الأعيان لا فى موضوع ، وهذه الصّفة موجودة لماهيّة الجواهر المعقولة الحاصلة في النّفس أيضا ، فإنّها ماهيّة شأنها أن تكون ـ إذا وجدت في الأعيان ـ وجدت لا في موضوع ، أي أنّ هذه الماهيّة هي معقولة من أمر ، شأن ذلك الأمر أن يكون وجوده في الأعيان لا في موضوع ، وأمّا وجوده في العقل بهذه الصّفة ، أي أن لا يكون في موضوع ، فليس ذلك مأخوذا في حدّه من حيث هو جوهر ، أي ليس حدّ الجوهر أنّه إذا كان في العقل كان لا في موضوع ؛ بل حدّه أنّه سواء كان في العقل أو لم يكن ، فإنّ وجوده في الأعيان ليس في موضوع.
والحاصل ، أنّه على تقدير كون معنى الجوهر عرضيّا لما تحته لازما لها ، نقول : إنّه عرضيّ لازم لوجوداتها العينيّة الخارجيّة ، كسائر لوازم الوجود الخارجيّ ؛ ولا سترة في أنّ هذا المعنى ، أي كونه موجودا لا في موضوع ، لا يتخلّف عن تلك الجواهر من حيث وجوداتها الخارجيّة ، وأمّا تخلّفه منها بحسب وجوداتها العقليّة ، فليس ذلك منافيا لما يقتضيه حدّ الجوهر ، وعلى تقدير كون معنى الجوهر ذاتيّا لما تحته ، نقول : إنّه حيث أخذ في حدّه الوجود ، أي أن يكون موجودا لا في موضوع ، فذلك الوجود معناه الوجود الخارجيّ لا الذّهنيّ ولا الأعمّ منهما. ولا سترة في أنّ هذا المعنى يصدق على الجواهر التي هي أفراده بحسب وجوداتها الخارجيّة ولا يتخلّف عنها ، ولا ضير في أن يتخلّف عنها بحسب وجوداتها العقليّة وحصولاتها الذهنيّة. وممّا ذكر يعلم أنّ المعتبر في معنى العرض والمأخوذ في حدّه أيضا ، أن يكون وجوده العينيّ في موضوع. وأمّا كون وجوده