وبيان الجواب : أنّ الأربعة ـ مثلا ـ وإن كانت إذا حصلت في الذّهن أيضا تلزمها الزّوجيّة ، إلّا أنّ اتّصاف محلّها بالأربعيّة أو بالزّوجيّة من جملة آثارها المترتّبة على وجودها العينيّ ، فإنّ اتّصاف كلّ محلّ بما حلّ فيه من آثار وجوده العينيّ ، وقيام ذلك الحالّ بذلك المحلّ قياما خارجيّا ، يترتّب عليه جميع الآثار المطلوبة ، وليس للأربعة ولا للزّوجيّة ، بل ولا للثّلاثة ولا للفرديّة ولا للامتناع بحسب وجوداتها في العقل ، وجود عينيّ كذلك ، ولا قيام خارجيّ ، ولذلك لا يتّصف النّفس التي هي محلّ لها بحسب وجودها الذّهنيّ بها أصلا. نعم إنّ لها بحسب حصولها في نفس جزئيّة من حيث حصولها فيها وكونها صورا علميّة ، نحوا من الوجود العينيّ الضعيف الذي أثره إنّما هو اتّصاف محلّها بالعلم بها ، وهو هنا حاصل بالضّرورة. وأمّا سائر آثار الوجود العينيّ التي من جملتها اتّصاف المحلّ بالحالّ ، فلا يترتّب على وجودها في العقل مطلقا.
وبذلك يظهر الجواب عن الإشكال في كلّ لوازم الماهيّات ، وكذا في الممتنع ، فتدبّر.
وهذا الجواب الذي ذكرنا هو التحقيق في دفع الإشكال ، وعليه مدار ما ذكره جمع من الأفاضل : كالسّيّد الشّريف والمحقّق الدّواني والمحشّي الشّيرازيّ من الأجوبة ، وإن كانت عبارة بعضهم في ذلك لا تخلو عن خفاء كما يظهر على من راجع كلماتهم.
وأمّا الجواب الذي ذكره الشارح القوشجيّ بالفرق بين الحصول في الذّهن والقيام به ، فهو شيء قد تفرّد به ، ولا معنى محصّلا له ، لأنّ القيام بالذّهن لا معنى له إلّا الحصول فيه ، وكذا الحصول فيه لا معنى له إلّا القيام به ، فالفرق تحكّم. وتفصيل الإيراد عليه لا يسعه المقام.
وهذا الذي ذكرناه كلّه ، إنّما هو بيان الجواب عن الإشكال بالوجوه المفصّلة المذكورة ، على تقدير القول بحصول الأشياء بأعيانها في الذّهن ، كما هو المذهب الحقّ.
وأمّا الجواب عنه على تقدير القول بوجود الأشياء بأشباحها فيه ، فهو وإن كان ظاهرا أيضا ، لأنّ الموجود في الذهن على هذا القول ليس ماهيّة تلك الأشياء ، بل أشباحها والصّور المخالفة لها في كثير من اللوازم ، فلا بعد في أن لا يترتّب عليها ما يترتّب على