حقائقها الموجودة في الخارج ، وعلى وجوداتها العينيّة. إلّا أنّ هذا المذهب لمّا كان مبنيّا على أصل غير أصيل ، كما أشرنا إليه فيما سبق ، لم نفصّل الجواب على تقديره.
وظنيّ أنّ القائلين بهذا المذهب كأنّه دعاهم إليه الفرار عن الإشكال بالوجوه المذكورة ، وكأنّهم حسبوا أنّها إنّما ترد على تقدير القول بوجود الأشياء بأعيانها في الذهن ، دون القول بوجودها بأشباحها فيه ، فلذلك ذهبوا إلى ما ذهبوا ، والله أعلم بالصّواب.
وحيث انتهى الكلام إلى هذا المقام ، فلنرجع إلى شرح كلام الشيخ الذي كنّا بصدد شرحه وتحريره ، فنقول : قوله (١) : «والحركة كذلك ماهيّتها (٢) أنّها كمال ما بالقوّة ، وليست في العقل حركة بهذه الصّفة» ـ إلى آخر ما ذكره ـ بيان نظير لمدّعاه ، وايراد شاهد على أنّ معنى الجوهريّة للجواهر ـ أي الوجود ـ لا في موضوع ، سواء كان ذاتيّا لها أو عرضيّا لازما لها ، لا يبطل بكون وجودها في موضوع في العقل ، بل معنى الجوهر وحدّه أنّه سواء كان في العقل أو لم يكن ، فإنّ وجوده في الأعيان ليس في موضوع.
وبيان الشهادة أنّه لا سترة في أنّ الحركة ماهيّتها وما هو المأخوذ في حدّها ، أنّها كمال ما بالقوّة ، ومعناه أنّها إذا وجدت في الأعيان تكون كمالا لما بالقوّة ، لا أنّها إذا وجدت في العقل أيضا ، تكون من حيث وجودها فيه بهذه الصّفة ؛ إذ ليست في العقل حركة بهذه الصّفة ، حتّى يكون في العقل كمال ما بالقوّة من جهة كذا ـ مثلا ـ حتّى يصير ماهيّتها محرّكة للعقل ، فإنّه لو كان في العقل حركة بهذه الصّفة ، لكانت صفة لمحلّها وهو العقل. فيلزم أن تكون هي محرّكة لمحلّها ، وأن يكون محلّها موصوفا بها حقيقة ، كما في محالّها التي هي محالّها بحسب الوجود العينيّ ، وهي حالّة فيها قائمة بها حلولا عينيّا وقياما خارجيّا. فيلزم أن يكون العقل متحرّكا وموصوفا بالحركة في كلّ مقولة ، حتّى في الأين مثلا ، وهذا باطل. بل إنّ معنى كون ماهيّة الحركة بهذه الصفة ، هو أنّها ماهيّة تكون
__________________
(١) الشفاء ـ الإلهيّات / ١٤٠ و١٤١.
(٢) في المصدر : ماهيّتها.