في الأعيان ، وبحسب وجودها العينيّ كمالا لما بالقوّة ، وإذا حصلت ماهيّتها في العقل ، تكون أيضا بهذه الصّفة ، بمعنى أنّها في العقل ماهيّة تكون في الأعيان كمالا لما بالقوّة ، فليس يختلف كونها في الأعيان وكونها في العقل ، فإنّها في كليهما على حكم واحد ، حيث إنّها في كليهما ماهيّة توجد في الأعيان كمالا لما بالقوّة. فلو كنّا قلنا : إنّ الحركة ماهيّة تكون كمالا بالقوة في الأين ـ مثلا ـ لكلّ شيء يوجد فيه ، ثمّ وجدت في النّفس لا كذلك ، لم يلزم منه أن تكون حقيقتها مختلفة ، بل إنّ حقيقتها كما ذكر متّحدة. وهي أنّها بحسب وجودها العينيّ كمال لما بالقوّة ، سواء عقلت أم لم تعقل.
وحيث لا امتناع في ذلك ولا استبعاد فيه في الحركة ، كذلك ينبغي أن يكون لا امتناع ولا استبعاد في ذلك في الجوهر.
وقوله (١) : «وهذا كقول القائل إنّ حجر المغناطيس حقيقته أنّه حجر يجذب الحديد» ـ إلى آخر ما ذكره ـ إيراد نظير آخر وشاهد آخر. مفاده أنّه كما أنّ حقيقة الشيء لا تختلف بحسب اختلاف أحكامه بحسب الوجود العينيّ والوجود الذهنيّ ، إذا كان حكمه يترتّب عليه بحسب وجوده العينيّ ، وكان ذلك الحكم لا يختلف بحسب ذلك الوجود كما في الجوهر والحركة ، فكذلك لا يختلف حقيقة الشيء بحسب اختلاف أحكامه في وجوده العينيّ أيضا ، إذا كان حكمه الّذي يترتّب عليه بحسب وجوده العينيّ ممّا يكون مشروطا بأمر ومختصّا بحالة مخصوصة. كأن يكون لازما لوجوده الخارجيّ ، ويكون ترتّب ذلك الحكم عليه بالفعل مشروطا بشرط ، وإن كان من شأنه أن يكون له ذلك الحكم مطلقا ، وكان لا يختلف أصلا.
وبيان الشّهادة أنّ قول القائل : إنّ حجر المغناطيس حقيقته أنّه يجذب الحديد ، معناه : أنّه إذا وجد مقارنا لحديد جذبه ، فإذا وجد مقارنا لجسميّة كفّ الإنسان ولم يجذبه ، ووجد مقارنا لجسميّة حديد فجذبه ، فلم يجب أن يقال : إنّه مختلف بالحقيقة في الكفّ وفي الحديد ؛ بل هو في كلّ واحد منهما بصفة واحدة ، وهو أنّه حجر من شأنه أن
__________________
(١) الشفاء ـ الإلهيّات / ١٤١.