عبد الله الخراسانيّ خادم الرضا عليهالسلام ، قال (١) : «دخل رجل من الزنادقة على أبي الحسن عليهالسلام ، وكان من سؤاله ، أنّه قال : رحمك الله أوجدني ، كيف هو وأين هو؟ فقال : ويلك ، إنّ الّذي ذهبت إليه غلط ، هو أيّن (٣) الأين وكيّف الكيف بلا كيف ، فلا يعرف بالكيفوفيّة ولا بأينونيّة ، ولا يدرك بحاسّة ولا يقاس بشيء ، فقال الرجل : فإذا إنّه لا شيء إذا لم يدرك بحاسّة من الحواسّ ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : ويلك ، لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه ، أيقنّا أنّه ربّنا ، بخلاف شيء من الأشياء ـ الحديث ـ.
وقد رواه الشيخ الطبرسيّ (ره) أيضا في كتاب «الاحتجاج» (٢) بهذا السند هكذا : قال الزنديق : رحمك الله ، فأوجدني (٤) كيف هو وأين هو؟ قال : ويلك ، إنّ الّذي ذهبت إليه غلط ، هو (٥) أيّن الأين ، وكان ولا أين ، وهو كيّف الكيف ، وكان ولا كيف ، ولا يعرف بكيفوفيّة ولا بأينونيّة ، ولا يدرك بحاسّة (٦) من الحواسّ ، ولا يقاس بشيء ، وقال الرّجل : فإذا إنّه لا شيء إذ لم يدرك بحاسّة من الحواسّ ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : ويلك! لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه ، أيقنّا أنّه ربّنا ، وأنّه شيء بخلاف الأشياء».
ثمّ ذكره (ره) بعد ذكر سؤال آخر والجواب عنه : إنّه «قال الرّجل : فلم لا تدركه حاسّة البصر؟ قال : للفرق بينه وبين خلقه الذين (٧) تدركهم حاسّة الأبصار منهم ومن غيرهم ، ثمّ هو أجلّ من أن يدركه بصر أو يحيط به وهم أو يضبطه عقل. قال : فحدّه لي. قال : لا حدّ له. قال : ولم؟ قال : لأنّ كلّ محدود متناه ، وإذا احتمل التّحديد احتمل الزّيادة (٨) واحتمل النّقصان ، فهو غير محدود ، ولا متزايد ولا متناقص ولا متجزّ (٩) ولا متوهّم». ـ الحديث ـ.
__________________
(١) أصول الكافي ١ / ٦١ ، ب ٥٧ ، ح ٣.
(٣) في المصدر : هو أيّن الأين بلا أين ...
(٤) فأجدني ...
(٥) وهو أيّن ...
(٦) بحاسّة ولا يقاس بشيء ، قال الرجل ...
(٧) الذي تدركه ...
(٨) الزيادة ، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان ...
(٩) متجزّي.
(٢) الاحتجاج / ٣٩٦ ، مؤسسة الأعلميّ ـ بيروت ، ١٤٠٣ ه.