وقال الفاضل الجليل مولانا الخليل القزوينيّ (ره) في شرحه على الكافي (١) في [شرح] عبارة الحديث الشريف : «فقال أبو الحسن عليهالسلام : ويلك ، لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه ، أنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عجزت حواسّنا عن إدراكه ، أيقنّا أنّه ربّنا» بهذه العبارة : حاصله منع أنّه إذا لم يدرك بحاسّة كان لا شيء البتّة ، أو منع دلالة عدم الإدراك بحاسّة على كونه لا شيئا ، مستندا بأنّ لازم أحد النقيضين أو شرطه يستحيل أن يكون ملزوما أو دليلا على الآخر ، وعدم الإدراك بحاسّة لازم للربوبيّة ، وشرط لليقين بالربوبيّة. وليس مقصوده عليهالسلام أنّ عدم الإدراك بالحواسّ دليل على الصّانعيّة. ولا يخفى أنّ هذا صريح في أنّه لا مجرّد سوى الله تعالى ، فيبطل قول الزنادقة بتجرّد العقول العشرة والنّفوس النّاطقة.
وفي [شرح] قوله عليهالسلام : «بخلاف شيء من الأشياء بهذه» العبارة : خبر آخر ، لأنّ ، «أو» ، استئناف بيانيّ ، فهو خبر مبتدأ محذوف ، أي هو بخلاف. ولمّا كان في الخلاف معنى النفي كان «شيء» نكرة في سياق النفي ، أي ليس بينه وبين شيء مشترك ذاتيّ ، فلا يمكن أن تدركه الحواسّ كما سيجيء بيانه. ـ انتهى كلامه ره ـ.
وقال السّيد الفاضل الرفيع ميرزا رفيع النائينيّ (ره) في حاشيته على الكافي (٢) في هذا الحديث بهذه العبارة : قال الرّجل «فإذا إنّه لا شيء» يعني أردت بيان شأن ربّك ، فإذا الذي ذكرته يوجب نفيه ، لأنّ ما لا يمكن إحساسه لا يكون موجودا. أو المراد أنّه فإذا هو ضعيف الوجود ضعفا يستحقّ أن يقال له : لا شيء ؛ وقوله عليهالسلام «لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه» ـ إلى آخره ـ أي جعلت تعاليه عن أن يدرك بالحواسّ ، وعجزها عن إدراكه دليلا على عدمه أو ضعف (٣) وجوده ، فأنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عرفناه بتعاليه عن أن يدرك بالحواسّ ، أيقنّا أنّه ربّنا ، بخلاف شيء من الأشياء. أي ليس شيء من الأشياء
__________________
(١) راجع شرحه الفارسي على الكافي ، المسمّى به الصافي ١ / ١٩ ـ ٢١ ، طبع الهند ، كتاب التوحيد ؛ وشرحه العربيّ (مخطوط) واسمه الشافي.
(٢) الحاشية على الكافي للنائينيّ ، مخطوط.
(٣) في المصدر : وضعف وجوده.