المحسوسة ربّنا ، لأنّ كلّ محسوس ذو وضع ، وكلّ ذي وضع بالذّات منقسم بالقوّة إلى أجزاء مقداريّة لا إلى نهاية ، لاستحالة الجوهر الفرد ، وكلّ منقسم إلى أجزاء مقداريّة يكون له أجزاء متشاركة في الماهيّة ومشاركة للكلّ فيها. وكلّ ما يكون كذلك يكون ذا ماهيّة ووجود يصحّ عليها الخلوّ عنه ، وكلّ ما يكون كذلك يكون محتاجا إلى مبدأ مغاير له ، فلا يكون مبدأ أوّل ، بل يكون مخلوقا ذا مبدأ ، فما هو مبدأ أوّل لا يصحّ عليه الإحساس. فالتعالي عن الإحساس الذي جعلته مانعا للربوبيّة وباعثا على انكسارك ، مصحّح للربوبيّة ، ودالّ على اختصاصه بصحّة الربوبيّة بالنّسبة إلى الأشياء التي يصحّ عليها أن تحسّ». ـ انتهى كلامه (ره) ـ.
وأقول : ما نقلنا عن الشّارح الجليل (ره) في شرح الحديث الشريف هو بيان الاستدلال به على عدم مجرّد سوى الله تعالى. وما نقلنا عن المحشّي النائيني (ره) قد فهم بعض الفضلاء من تلامذته أنّ فيه دلالة على الجواب عن ذلك الاستدلال ، حيث ذكر في قول المحشّي المذكور (ره) (١) : «ونحن إذا عرفناه بتعاليه عن أن يدرك بالحواسّ» ـ إلى آخره ـ كلاما بهذه العبارة : استدلّ بعض فضلاء الزمان بهذا الحديث الشريف على انحصار التجرّد في الله تبارك وتعالى ، وأنّ القول بتجرّد النّفس والعقل قول بتعدّد الواجب تعالى عن ذلك ، وإذا حمل على ما حمله المحشّي من أنّ المعنى : إنّ ربّنا بخلاف شيء من الأشياء المحسوسة ، بجعل الضّمير في «أنّه» للشأن ، أو جعله اسم «انّ» وجعل «ربّنا» بدلا أو بيانا منه ، لا يبقى للاستدلال وجه. فإنّ مفاد الحديث الشريف : أنّ الله تعالى وتقدّس مخالف للمحسوسات وذوات الأوضاع ، ولا يلزم منه أنّ كلّ ما هو كذلك ، فهو الربّ تدبّر». ـ انتهى كلامه ـ.
وأقول : لا يخفى عليك أنّ توجيه قوله عليهالسلام «أيقنّا أنّه ربّنا بخلاف شيء من الأشياء» كما فهمه ذلك البعض ، وهو ظاهر عبارة المحشيّ ، لا يخلو عن شيء. أمّا أوّلا ، فلأنّه مناف لما تضمّنته عبارة الحديث على رواية الشيخ الطبرسيّ (ره) ، حيث رواه هكذا :
__________________
(١) الحاشية على الكافي للنائينيّ ، مخطوط.