الحسّ المشترك والخيال.
والثانية في التجويف الثّاني والبطن الثّاني ، ويسمّونها المفكّرة والوهم.
والثّالثة في الثّالث ويسمّونها الحافظة والمتذكّرة ، لأنّ الآفات التي وجدوها ، إنّما هي ثلاثة أصناف في هذه المواضع.
وأمّا الحكماء فقد قيل : إنّهم قالوا : إنّ للدّماغ تجاويف وبطونا ثلاثة مترتّبة ولاء بين الجبهة والقفاء ، أعظمها البطن الأوّل ، ثمّ الثّالث. وأمّا الثّاني فكمنفذ فيما بينهما مزرّد على شكل الدودة. وينقسم كلّ من التّجاويف والبطون الثّلاثة إلى قسمين ، كلّ قسم موضع موضع (كذا) لواحدة من الحواسّ الباطنة ، إلّا القسم الأخير من التّجويف الأخير والبطن الأخير ، فإنّه لبعده من الحواسّ الظّاهرة التي هي جواسيس الآفات ، وقربه من حلول العاهات ، لم يودّع فيه شيء من القوى. فمقدّم التّجويف الأوّل والبطن الأول من التّجاويف والبطون الثّلاثة موضع الحسّ المشترك ، ومؤخّره موضع الخيال. ومقدّم البطن الثّاني والتجويف الثّاني موضع المتخيّلة ، ومؤخّره موضع الوهم. ومقدّم البطن الثّالث والتّجويف الثّالث موضع الحافظة ، ومؤخّره لم يودع فيه شيء.
وقالوا أيضا في وجه التّرتيب بينها أنّ القوى الحيوانيّة الباطنة المدركة للجزئيّات ، إمّا أن تكون مدركة فقط أو مدركة ومتصرّفة ، والاولى إمّا أن تكون مدركة للصّور الجزئيّة ، كصورة زيد وعمرو وهو الحسّ المشترك وبنطاسيا ، وإمّا أن تكون مدركة للمعاني الجزئيّة كصداقة زيد وعداوة عمرو وهو الوهم. ولكلّ واحدة من هاتين القوّتين خزانة ، فخزانة الحسّ المشترك الخيال ، وخزانة الوهم الحافظة. والحسّ المشترك ينبغي أن يكون مقدّم الدّماغ ، ليكون قريبا من الحواسّ الظّاهرة ، فيكون التّأدّي إليه سهلا ، وخزانة كلّ شيء خلفه ، فينبغي أن يكون الخيال موضوعا خلفه ، فلذلك ينبغي أن يكون الحسّ المشترك في مقدّم البطن المقدّم من الدماغ ، والخيال في القسم المؤخّر منه ، والوهم ينبغي أن يكون بقرب الخيال ، لتكون الصّورة الجزئيّة التي يحكم على معانيها الجزئيّة بحذائه وبقربه ، فينبغي أن يكون في البطن الأوسط من الدّماغ وخزانته وراءه ، فيكون الحافظة في