المخزونة فيه لها نسبة إلى ذلك المعنى المخصوص ، حتّى يحكم ثانيا أنّ تلك الصّورة المعيّنة فيها ذلك المعنى المضبوط ، فيكون المتذكّرة ـ بل الوهم أيضا ـ ليس المطلوب نسبتهما إلى ما في خزانة الخيال من الصّور من جهة نفس تلك الصّور ، بل من جهة إدراك نسبة ذلك المعنى فيهما ثانيا ، وبذلك يصدق أيضا على الحافظة أنّها متذكّرة.
ثمّ إنّ قوله : «وكان إعادة إمّا في وجود العود» ، ـ إلى آخره ـ فقوله : «وكان إعادة» عطف على قوله : «فكان ذكرا» ، وقوله : «إلى هذه المعاني» متعلّق بالعود ، وقوله : «إلى لوح الصّور» متعلّق بقوله : «إعادة» ، وقوله : «وإمّا بالرجوع إلى الحسّ» عطف على قوله : «إمّا في وجود العود» والمعنى أنّه كما كان هذا الاستثبات ـ أي استثبات المعنى ثانيا بعد بطلانه ذكرا لذلك ـ كان ذلك إعادة أيضا ، وبذلك يصدق على الحافظة أنّها مستعيدة ومسترجعة كما أنّها متذكّرة ، وأنّ هذه الإعادة إمّا إلى لوح الصّورة ، أي الخيال لأجل حصول العود إلى هذه المعاني الزائلة التي كانت محفوظة في الحافظة أوّلا وفقدتها حتّى تضبط تلك المعاني مرّة اخرى ، وتستثبتها الحافظة ثانيا ، أي بأن تعود النسبة الى ما في الخيال ثانيا ، لا لإدراك ما فيها من الصّور أو ضبطها ، بل لأجل إدراك المعاني التي فيها وضبطها وحفظها ثانيا ، بعد ما فقدت وزالت.
وإمّا هذه الإعادة بالرّجوع إلى الحسّ لأجل ما ذكر أيضا.
وقوله : «مثال الأوّل» ـ إلى آخره ـ ، هذا مثال للإعادة إلى لوح الصّورة.
وقوله : «فإن أشكل عليك ذلك من هذه الجهة أيضا ولم يتّضح فأورد عليك الحسّ» ـ إلى آخره ـ مثال للرجوع إلى الحسّ.
ثمّ إنّك حيث عرفت معنى كلام الشيخ وتلخيص مؤدّاه ، عرفت أنّ مراده أنّ التّذكّر والاستعادة والاسترجاع كلّها معنى واحد ، وهو عبارة عن ضبط المعنى وحفظه ثانيا بعد ضبطه وحفظه أوّلا وزواله عن الحافظة ، وبالجملة فليس ذلك شيئا سوى الحفظ إلّا بالاعتبار. فكما أنّ القوّة الحافظة تسمّى حافظة باعتبار حفظ المعنى واستثباته أوّلا ، تسمّى متذكّرة وذاكرة ومستعيدة ومسترجعة باعتبار حفظه واستثباته ثانيا ومرّة