هي باعتبار كونها في غير جسم النار في موضوع ممّا يكون حقيقة العرض ، لأنّ تحديد العرض حيث كان في مقابلة تحديد الجوهر ، على ما عرفته ؛ يكون ما كان في شيء من الأشياء في موضوع ، كما يدلّ عليه قولهم : «إنّه الموجود في موضوع» حيث كان الموضوع نكرة في الإثبات ، وهي لا تفيد العموم ، أي ما كان بالقياس إلى شيء ما في موضوع ، وإن لم يكن بالقياس إلى غيره في موضوع. فعلى هذا يلزم أن يكون ما يوجد في شيء ما في موضوع عرضا ، وإن وجد في ألف شيء لا في موضوع ، ولا يخفى أنّ تلك الحرارة المفروضة حالها ما ذكر.
وبيان هذا بعبارة أخرى ، ما ذكره الشيخ : أنّه لم يكن الجوهر ـ كما يعلم من تعريفه ـ ما لا يكون بالقياس إلى شيء على أنّه في موضوع ، حتّى يكون الشيء من جهة ما ليس في هذا الشيء على أنّه في موضوع جوهرا ، بل أنّما يكون جوهرا إذا لم يكن ولا في شيء من الأشياء على أنّه في موضوع. وهذا المعنى لا يحصل بكونه في شيء ما موجودا لا في موضوع ، فإنّ ذلك ليس له بالقياس إلى شيء ، حتّى إذا قيس إلى شيء يكون فيه لا كما يوجد الشيء فى موضوع ، صار جوهرا. وإن كان بالقياس إلى شيء آخر بحيث يكون عرضا ، بل هو اعتبار له في ذاته ، فإنّ الشيء اذا تأمّلت ذاته ونظرت إليها ، فلم يوجد لها موضوع البتّة ، كانت في نفسها جوهرا. وإن وجدت في ألف شيء لا في موضوع ، بعد أن يوجد في شيء واحد على نحو وجود الشيء في موضوع ، فهي في نفسها عرض. فظهر بما ذكر أنّ كثيرا من الكمالات تكون أعراضا موجودة في موضوع ، وأنّ كونها بالقياس إلى شيء ما موجودة لا في موضوع ، لا يجعلها جوهرا في نفسها.
وظهر أيضا أنّه غلط من ادّعى أنّه يجوز أن يكون شيء بالقياس إلى شيء عرضا ، وبالقياس إلى آخر جوهرا ، فتدبّر.
ثمّ إنّ قول الشيخ (١) : «وليس إذا لم يكن (٢) عرضا في شيء فهو (٣) جوهر فيه ، فيجوز أن
__________________
(١) الشفاء ـ الطبيعيّات ٢ / ٩ ، الفصل الأوّل من المقالة الاولى من الفنّ السادس.
(٢) في المصدر : تكن ...
(٣) فهي.