وكانت الحياة حينئذ اسما لما كنّا وراء إثباته من هذا الكمال الأوّل. وهذا هو تحرير كلامه.
وظهر منه أنّ النفس والحياة أمران متغيران بالحقيقة ، لا أمر واحد كما ادّعاه المتشكّك.
ويظهر منه أيضا أنّ النفس ، كما أنّها مبدأ لتلك الأفعال والأحوال المعلومة بالذات ، كذلك هي علّة لحصول ذلك الكون ، الذي هو معنى الحياة لذلك الجسم الذي له النفس.
وأنّ ذلك الجسم أيضا مصدر لتلك الأفعال ، لكن لا بالذات ، بل بتوسّط النفس. كما أنّه متعلّق الحياة والنفس.
وأنّه إذا اضيفت الأفعال إلى النفس تكون الإضافة لاميّة ، بمعنى أنّ تلك الأفعال مستندة إلى النفس ، وهي مبدأ لها بالذات.
وأنّها إذا اضيفت إلى ذلك الجسم تكون لاميّة أيضا ؛ بمعنى أنّه مصدر لها بواسطة النفس.
وكذلك إذا اضيفت الحياة إلى النفس تكون لاميّة أيضا ، بمعنى أنّها معلولة للنّفس ، وهي علّة لها.
وإذا أضيفت إلى ذلك الجسم تكون لاميّة أيضا ، بمعنى أنّها حاصلة له ، كما إذا اضيفت النفس إليه.
وامّا إذا اضيفت تلك الأفعال إلى الحياة ، فتلك الإضافة لا تكون بيانيّة ـ كما يفهم من المتشكّك في التشكّك الأوّل ـ إذ ليست تلك الأفعال من جنس الحياة التي عرفت أنّها الكون الموصوف ، بل لاميّة أيضا ، لكن لا بالمعاني المذكورة ، بل بمعنى أنّها ملابسة للحياة ومصاحبة معها ملازمة لها ، حيث إنّ كلّا من الحياة وتلك الأفعال متلازمتان ، بمعنى أنّهما معلولتا علة واحدة هي النفس.
ويظهر منه أيضا أنّ ما وقع في كلام بمعنى الأقدمين من أنّ النفس حياة ، كان معناه أنّ النّفس محيية للبدن ومنشأ لحصول الحياة له حتّى كأنّها نفس الحياة ، وقد أشرنا إلى ذلك