وفيه : أنّ كون المرّة أقلّ ما يمتثل به الأمر يفيد حصول الامتثال بالأكثر أيضا ، وذلك ممّا لا يقوله القائل بكون الأمر للمرّة ، فقضيّة البيان المذكور حصول الامتثال بالمرّة قطعا وإن قضت الصيغة بحصوله بالأكثر أيضا ، ولا ربط له بما يقوله القائل بالمرّة ؛ ومع الغضّ عنه فالقائل بالمرّة يجعل خصوص المرّة مندرجة في المأمور به بخلاف ما يستفاد من الوجه المذكور فإنّ أقصى ما يفيده حصول المطلوب بها لا أنّها مطلوبة بخصوصها وفرق بيّن بين الصورتين(١).
قوله : (وبتقرير آخر).
الفرق بين هذا التقرير والتقرير الاوّل ظاهر من حيث البيان على ما هو الشأن في اختلاف التقريرين ، وبينهما مع ذلك اختلاف آخر في بيان عدم دلالة المصدر على خصوص المرّة والتكرار ، حيث إنّه احتجّ عليه في الأوّل بمجرّد خروجه عن الطبيعة كالزمان والمكان وقد احتجّ عليه هنا بكونه أعمّ من الأمرين ، حيث إنّه يصحّ تقييده بكلّ من القيدين ، والعامّ لا دلالة فيه على الخاصّ.
قوله : (ومن المعلوم أنّ الموصوف ... الخ).
لا يخفى أنّ التقابل المذكور إنّما هو بين الوحدة المعتبرة بشرط لا والتكرار دون الوحدة الملحوظة لا بشرط شيء ، لحصولها في ضمن التكرار أيضا ؛ فغاية ما يلزم من البيان المذكور أن يكون مفاد الأمر قابلا للتقييد بالقيدين المذكورين ، وكما أنّ الطبيعة المطلقة قابلة للتقييد بالقيدين المذكورين فكذا الطبيعة المأخوذة بملاحظة الوحدة المفروضة الملحوظة لا بشرط شيء، لوضوح أن اللابشرط يجامع ألف شرط ، فلا يفيد مجرّد ما ذكره كون الوحدة المفروضة غير مأخوذة في الفعل بمعنى المصدر.
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ تقييد المصدر بالصفات المتقابلة لا يفيد كونه حقيقة في الأعمّ ، إذ قد يكون التقييد قرينة على التجوّز فصحّة التقييد بالقيدين دليل على
__________________
(١) الوجهين ، خ ل (هامش المطبوع).