إذ لا وجود لغير المتعيّن واقعا في الخارج ، فكيف يعقل تعلّق الوجوب به في الخارج؟ كيف! ويصحّ سلب التكليف حينئذ عن خصوص كلّ من تلك الآحاد ، فيصحّ السلب الكلّي المناقض للإيجاب الجزئي ، بل ربّما لا يصحّ القول بتعلّقه بالمبهم على الوجه المذكور في الواجب المخيّر مع تعلّقه به في الذمّة ، حسب ما مرّ الكلام فيه.
وإن أراد تعلّقه بأحدهم بملاحظة المفهوم الكلّي الصادق على كلّ منهم ـ نظير ما ذكرناه في المخيّر ـ فهو حقّ ولا مانع منه ، فإنّ الكلّي المذكور أمر متعيّن في الخارج في ضمن مصاديقه ، وتعلّق التكليف به قاض بتعلّق الوجوب بكلّ من مصاديقه على سبيل البدليّة ، كوجوب الأفراد كذلك عند تعلّق الأمر بالطبيعة ، إذ ليس وجوبها كذلك من باب المقدّمة ، بل هي واجبة كذلك بعين وجوب الطبيعة ، كما سيأتي الكلام فيه إن شاء الله ، إلّا أنّ هناك فرقا بين المقامين سنشير إليه إن شاء الله.
فإيجاب الفعل على أحدهم بالوجه المذكور عين إيجابه على الجميع بالوجه المذكور حسب ما قرّرنا. كما أنّ إيجاب أحد الفعلين في المخيّر عين إيجاب الجميع على وجه التخيير حسب ما مرّ ، وقد عرفت عود النزاع حينئذ لفظيّا ، لكن لا يذهب عليك الفرق بين أحد الأفراد الملحوظ في الكفائي ، وأحدها الملحوظ في المخيّر ، فإنّه لا يمكن أن يلحظ الأحد في الأوّل إلّا عنوانا للجزئيّات المندرجة تحته ، ويكون الحكم متعلّقا بتلك الجزئيّات ابتداء وإن لوحظت بذلك العنوان الواحد ، إذ لا يعقل أن يكون نفس مفهوم الأحد من حيث هو متعلّقا للتكليف ، إذ هو كذلك أمر كلّي منهم يستحيل وجوده في الخارج فلا يعقل أن يتعلّق به التكليف الّذي هو أمر خارجي ، والأحد في الثاني يمكن أن يلحظ عنوانا ، فلا يكون متعلّق التكليف إلّا خصوص الأفعال المندرجة تحته حسب ما قرّرناه في المخيّر ، وأن يكون نفس مفهوم الأحد متعلّقا للتكليف مرادا من المكلّف ، من دون ملاحظة خصوصيّة الفعل الّذي يصدق عليه ، فيكون كلّ من