المفهوم ، كما إذا قال : «وقفت هذا على أولادي الفقراء» أو «إن كانوا فقراء» ونحو ذلك ، إذ لا يتأمّل أحد في اختصاص الوقف بالواجدين للوصف أو الشرط المذكور ، ونفيه عن الفاقدين له غير متّجه ، إذ ليس ذلك من حجّية المفهوم في شيء ، إذ مفاد العبارة المذكورة ثبوت الوقف المتعلّق بمن ذكره من غير أن يفيد تعليقه بشيء آخر ، فيقع الوقف على الوجه المذكور ، وقضيّة ذلك انتفاء تعلّق الوقف بشيء آخر ، إذ بعد تعيّن متعلّقه بمقتضى الصفة المفروضة لا معنى لتعلّقه بغيره ، وكذا الحال في نظائره ، ألا ترى أنّه لو أقر بشيء لزيد أفاد ثبوت تملّكه له ، وكونه المقرّ به له بتمامه؟ وذلك لا يجامع اشتراك غيره معه، فيدلّ على نفي تملّك غيره من تلك الجهة ، لا من جهة المفهوم على ما هو الملحوظ بالبحث في المقام. ويجري ذلك في سائر الاحكام الّتي لا يمكن تعلّقها بموضوعين ، كما إذا قيل : «تصدّق بهذا على زيد» أو «بعه زيدا» أو «بعته زيدا» أو «وهبته لزيد» فإنّ تعلّق الأعمال المذكورة بزيد يفيد عدم تعلّقها بغيره لما ذكرناه ، ولا ربط له بدلالة المفهوم ، ولذا يجري ذلك بالنسبة إلى الألقاب ، كما في الأمثلة المذكورة.
قوله : (وهو مختار أكثر المحقّقين).
وقد عزاه إليهم المحقّق الكركي والشهيد الثاني ، وعزي إلى الشخصين والشهيدين رحمهماالله أيضا ، واختاره جماعة من المتأخّرين ، وحكي القول به عن جماعة من العامّة أيضا ، منهم أبو الحسين البصري ، وابن شريح ، وأبو الحسين الكرخي ، والبيضاوي ، والرازي ، وجماعة من الشافعيّة.
قوله : (وهو قول جماعة من العامّة).
فقد حكي القول به عن مالك وأبي حنيفة وأتباعه ، وأكثر المعتزلة ، وأبي عبد الله البصري ، والقاضي أبي بكر ، والقاضي عبد الجبار ، والآمدي ، واختاره من متأخّري أصحابنا الشيخ الحرّ وغيره. وربّما يحكى في المسألة قولان آخران :
أحدهما : ثبوت المفهوم بحسب الشرع دون اللغة.
وثانيهما : التفصيل بين الإنشاء والإخبار ، فيثبت في الأوّل دون الثاني.