على كون الطبيعة في ضمن الفرد وهو لا ينافي إرادة الطبيعة اللا بشرط من اللفظ ، ضرورة أنّ الماهيّة لا بشرط شيء يجامع ألف شرط. وقد ذكروا مثل ذلك في الماهيّات المطلقة المتعلّقة للأحكام الشرعيّة ، إلّا أنّ هذا الوجه بعيد عن ظاهر كلماتهم ، إذ لا ربط له إذا بالإشارة إلى الفرد ولا لمعهوديّته في الذهن ، إلّا أن يجعل ذلك بسبب ما يعلم من دلالة القرينة على كون ذلك في ضمن الفرد وهو مخالف لظاهر كلامهم. فالوجه الرابع أقرب الى ظاهر كلماتهم بل هو ظاهر كلام التفتازاني في المطوّل ، والظاهر أنّ اللام حينئذ إشارة أيضا إلى الطبيعة غير أنّ تلك الطبيعة حاصلة في ضمن الفرد لإطلاق اللفظ عليه فكأنّها إشارة إليه بالتبع من جهة اتّحاده بالطبيعة. ولمّا كان أحد أفراد الطبيعة من الامور المعهودة في الأذهان وكان اللام إشارة إليه تبعا ـ حسب ما ذكرنا ـ عدّ ذلك من لام العهد.
وأنت خبير : بأنّ ذلك ليس من حقيقة العهد في شيء ، إذ لا معهود هناك حقيقة ولا يراد «باللام» الإشارة إليه فليس هناك تعريف للفرد على حسب غيره من العهود ، فكان في جعله حينئذ من العهد نوع توسّع نظرا إلى الاعتبار المذكور ، أو أنّه اصطلاح منهم. والوجهان الآخران ممّا يبعد إرادتهما في المقام لبعدهما عن ظاهر اللفظ نظرا إلى اقتضاء استعمال الكلّي في خصوص الفرد انحصار مدلول اللفظ فيه وهو خلاف الظاهر في المقام ، مضافا إلى لزوم التجوّز في اللفظ المخالف للأصل مع عدم قيام دليل عليه. وقد اتّضح بما قرّرنا أنّ المعهود الذهني معرفة بالنظر إلى ما استعمل فيه ـ أعني الماهيّة المطلقة ـ لحضورها في الذهن والإشارة إليها باللام كما في غيرها من الأجناس المعرفة وفي معنى النكرة بالنسبة إلى الفرد الّذي اطلق عليه ، إذ لا تعيين فيه إلّا من جهة اتّحاده مع الطبيعة وذلك ممّا لا يعيّن الفرد إذ معرفة الشيء بالوجه العامّ ليس معرفة لذلك الخاصّ في الحقيقة ، بل معرفة للعامّ الّذي صار وجها لمعرفته ، فليس اللام في الحقيقة إشارة إلى خصوص الفرد ولا تعريفا له ، ولذا نصّوا على كونه في معنى النكرة يعنون به بالنسبة إلى خصوص الفرد لا بالنظر إلى الطبيعة الّتي استعمل فيها.