وتاسعا : أنّه على ذلك التقدير موافق للعامّة فيتعيّن حمله على التقيّة ، والعمل بما يعارضه ، لعدم احتمال التقيّة ، ونظيره الإجماع على بيعة أبي بكر فقد دخل فيها أمير المؤمنين عليهالسلام ولم يدلّ دخوله على صحّتها ، للتقيّة وهذا أقوى المرجّحات المنصوصة على تقدير وجود المعارض الصحيح ، فكيف! وأهونها غير موجود انتهى.
وأنت خبير بأنّ أقصى ما يمكن ايراده في المقام وإن كان واضح الفساد أيضا : المنع من تحقّق الإجماع ، لما يتوهّم من كلمات جماعة من الأصحاب من المنع من الاجتهاد ، أو العمل بالظنّ ، وقد أشار إليه بما ذكره : من مخالفة جماعة من المتقدّمين والمتأخّرين فيه ، وحكاية الشيخ الإجماع عليه ، وسيجيء الإشارة إلى جملة من عبائرهم بما يوهم دلالتها على ذلك. وتوضيح القول في فساده إن شاء الله.
وأمّا سائر ما ذكر من الإيرادات فغير معقولة ، لما هو واضح من أنّ الإجماع على فرض تحقّقه من الأدلّة القطعيّة الكاشفة عن رأي الإمام عليهالسلام ، أو عن الحجّة الّتي لا مجال للتشكيك في حجّيته ، ولزوم الأخذ به حسب ما حقّق في محلّه.
نعم لو اريد به الإجماع المنقول صحّت دعوى كونه ظنّيا ، إلّا أنّه غير مراد المستدلّ قطعا ، وحينئذ فمعارضته بحكاية الشيخ غير متّجهة ، على أنّه من الواضح أنّ مراد الشيخ من الاجتهاد غير ما هو المقصود في المقام ، وليت شعري كيف يعقل القول بدعوى الشيخ الإجماع على حرمة الاجتهاد والمنع منه ، مع ما يرى من طريقته في الاحتجاج في المبسوط والخلاف وغيرهما. وسنوضح ما هو مقصوده من الاجتهاد في ذلك المقام ، وأنّه ممّا لا ربط له بالمرام. وما ذكره : من أنّ مفاد الإجماع المذكور مخالف للآيات الصريحة والأخبار المأثورة ، ضعيف جدّا ، لوضوح كون مفاد الإجماع على فرض تحقّقه قطعيّا ، وأقصى ما يسلّم كون ظاهر إطلاق الآيات والروايات ذلك فكيف! يمكن أن يقاوم القاطع ، مضافا إلى أنّ الاستناد إليها استناد إلى الظنّ والمدّعى خلافه ، فلو صحّ الاستناد إليها بطل ما ذكر