من الدعوى ، على أنّ دلالتها على ذلك محلّ منع أيضا كما ستعرف الوجه فيه إن شاء الله.
الثالث : ظواهر كثير من الأخبار :
منها : الصحاح المستفيضة الدالّة على أنّ عليهم عليهمالسلام إلقاء الاصول وإنّ علينا التفريع عليها. فقد رواه زرارة وأبو بصير في الصحيح عن الباقر عليهالسلام والصادق عليهالسلام ورواه البزنطي في جامعه عن هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام ، ورواه البزنطي بنفسه عن الرضا عليهالسلام ، إذ من البيّن انّ تفريع الفروع على الاصول والقواعد لا يكون غالبا إلّا على سبيل الظنّ ، إذ دلالة العمومات على حكم كلّ من الجزئيّات المندرجة فيها إنّما تكون في الغالب على سبيل الظهور دون التنصيص ، وأيضا كثير من التفريعات ممّا يختلف فيه الأنظار ويتفاوت الأفهام في إدراجها تحت القواعد المقرّرة. وكثيرا مّا لا يتأتّى الحكم باندراج الفرع تحت أصل معيّن إلّا على سبيل يندرج فيها المداليل الالتزاميّة المفهومة بتوسّط الخطاب ، كدلالة الأمر بالشيء على الأمر بمقدّمته ودلالة النهي على الفساد ، وكثير من دلالات المفاهيم ونحوها.
وقد يناقش فيه بالمنع من شمولها للتفريعات الظنّية فلا يفيد المدّعى.
ويمكن دفعها : بأنّ قضيّة الأمر بالتفريع إثبات ما يتفرّع على الكلام من الأحكام بحسب العرف ، وهو أعمّ ممّا يفيد العلم بالواقع هذا.
وقد أورد بعض المحدّثين في المقام : بأنّه لا دلالة في الأخبار المذكورة على صحّة الاجتهاد الظنّي في أحكام الله تعالى ، فإنّ مفادها الأخذ بالقواعد الكلّية المأخوذة عن أهل العصمة كقولهم عليهمالسلام «إذا اختلط الحلال بالحرام غلب الحرام» وقولهم عليهمالسلام «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه» وقوله عليهالسلام «الشكّ بعد الانصراف لا يلتفت إليه» وقولهم «لا تنقض اليقين بالشكّ أبدا وإنّما تنقضه بيقين آخر» وذلك أنّ الأنظار العقليّة إذا كانت مادّة الفكر فيها وصورته مأخوذين عن أهل العصمة فلا ريب في جواز العمل به ، لأنّه معصوم عن الخطأ. ولا شكّ أنّ مفاد الأخبار المذكورة هو التفريع على الاصول المأخوذة