والعلم به ـ أي الانطباق المعلوم بالذات مع المعلوم بالعرض لا الجهل المركّب ـ فإذا تحقّق البعث وصار موجودا واقعا وعلم به المكلّف بتوسّط صورته الذهنيّة فامتثل بداعي ذلك يتحقّق حينئذ عنوان الإطاعة بدون أيّ مسامحة في البين.
ودعوى : أنّ الانبعاث لم يكن مسبّبا عن البعث ، بل يكون مسبّبا عن الصورة الذهنيّة لتحقّقه في صورة الجهل المركّب أيضا ؛ مدفوعة : بأنّ الصورة الذهنيّة حيث كانت كاشفة عن الواقع وحاكية له يكون الانبعاث معها مستندا إلى الواقع ، وهي وسيلة إلى النيل به والوصول إليه ، فالباعث في الحقيقة هو نفس البعث لا الصورة الذهنيّة ، كيف؟ وهذه الصورة مغفول عنها غير متوجّه إليها ؛ لأنّ العالم بالبعث لا يرى إلّا نفس البعث ، ولا يتوجّه إلى صورته المعلومة بالذات أصلا ، ومن هنا نرى إظهار الندامة والاشتباه من المكلّف إذا كان انبعاثه مستندا إلى تخيّل البعث والصورة الذهنيّة فقط عند كشف الخلاف ، فإذا كانت الصورة الذهنيّة مطابقة للواقع يتحقّق استناد الانبعاث إلى المعلوم بالعرض والمعلوم بالذات معا ، ولا أقلّ من ذلك ، ففي صورة العلم يكون الانبعاث مستندا إلى البعث بالتبع دائما.
وأمّا الإشكال الذي يختصّ بالاحتياط في الشبهات البدويّة والانبعاث عن احتمال البعث ، فالجواب عنه : أنّه لا شكّ في تحقّق عنوان الإطاعة هنا ، بل المنبعث عن البعث الاحتمالي يكون في مرتبة عالية من الإطاعة ممّن ينبعث عن العلم بالبعث فقط.
وأمّا الإشكال الذي يختصّ بالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، فتارة من جهة التكرار ، واخرى من أجل اعتبار قصد القربة والوجه ونظائرهما