وإن كان غير صالح للبقاء والاستمرار فاقتضاؤه وقابليّته محدود ومضيّق ، فيتحقّق هنا اليقين بالحدوث فقط ، ومعلوم أنّ النقض وعدمه في باب الاستصحاب يرتبط بالبقاء ، وإسناد النقض إلى اليقين في قوله : «لا ينقض اليقين بالشكّ» يقتضي تحقّق اليقين بالبقاء مع تحقّق اليقين بالحدوث ، وهذا المعنى يختصّ في الشكّ في الرافع ولا يتصوّر في الشكّ في المقتضي (١).
ويرد عليه : أنّ صلاحية البقاء والاستمرار لا يكون ملازما لتحقّق اليقين بالحدوث واليقين بالبقاء معا حتّى في زمان الشكّ ، فإنّ تحقّق ما هو الصالح للبقاء ـ كالطهارة ـ كثيرا ما متيقّن ، ولا نعلم غاية استمراره ، ولا يكون استعداد بقاء الطهارة متيقّنا لنا ، ولا يكون اليقين في القابليّة مورد النزاع حتّى نقول بنقضه أو عدم نقضه بالشكّ ، بل البحث يدور مدار اليقين بالوضوء وعدم نقضه بالشكّ ، ولا يتحقّق هنا يقين سوى اليقين بالحدوث.
تحقيق المسألة في الشكّ في الرافع والمقتضي
ذكر هنا استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢) تحقيقا تبعا لصاحب الكفاية ، ونتيجته شمول دائرة الاستصحاب للشكّ في الرافع والمقتضي ، وهو :
أنّ اليقين قد يلاحظ بما أنّه صفة قائمة بالنفس من غير لحاظ إضافته إلى الخارج ، وقس عليه الشكّ والظن ، وقد يلاحظ بما أنّه مضاف إلى الخارج ، وأنّه كاشف كشفا تامّا عن متعلّقه ، والظنّ كشفا ناقصا ، والشكّ غير كاشف أصلا ، بل يضاف إلى الخارج إضافة ترديديّة.
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٣٧٦.
(٢) الاستصحاب : ٣٢ ـ ٣٣.