العرف والقواعد العربية ، وخلوّه عن الإشكال في استفادة القاعدة الكلّيّة من الرواية ، وهو كون الجزاء مقدّرا أي «فلا يجب عليه الوضوء» ، وقوله : «فإنّه على يقين من وضوئه» في مقام التعليل صغرى للقياس ، وقوله «لا ينقض اليقين أبدا بالشكّ» الكبرى الكلّي.
بقي هنا ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله بعنوان التوهّم ، وهو : أنّ غاية ما تدلّ عليه الرواية هو سلب العموم لا عموم السلب ، فلا يستفاد منها عدم جواز نقض كلّ فرد من أفراد اليقين بالشكّ ، بل أقصى ما يستفاد منها هو عدم جواز نقض مجموع أفراد اليقين بالشكّ ؛ وهذا لا ينافي جواز نقض بعض الأفراد.
والحقّ في الجواب : أنّ المفرد المحلّى باللام لا يدلّ على العموم ولا يكون ناظرا إلى الأفراد ، بل يدلّ على الماهيّة والطبيعة ، ويكون «الألف واللام» للجنس ، فالمراد أنّه لا ينقض طبيعة اليقين وماهيّته بطبيعة الشكّ وماهيّته ، ومعناه عموم السلب ، وعدم تحقّق فرد من أفراد الطبيعة في الخارج ، وهذا نظير قولنا : «لا تكرم الرجل» أو «لا تكرم رجلا» فهذا الإشكال أيضا مندفع.
تقريبات الأعلام في اختصاص الرواية بالشكّ في الرافع
ثمّ اعلم أنّه يظهر من الشيخ الأنصاري قدسسره ومن تبعه ـ في اختصاص حجّيّة الاستصحاب بالشكّ في الرافع ـ تقريبات في كيفيّة استفادته منها :
أحدها : ما هو ظاهر كلامه في الرسائل ـ تبعا للمحقّق الخوانساري (١) ـ من أنّ حقيقة النقض هو رفع الهيئة الاتّصاليّة كما في نقض الحبل ، والأقرب إليه ـ على تقدير مجازيّته ـ هو رفع الأمر الثابت الذي له استعداد البقاء
__________________
(١) مشارق الشموش ٧٦ : ١١.