البقاء ؛ فإنّه في مثل ذلك يصحّ ورود النقض على اليقين بعناية المتيقّن ، ويصدق عليه نقض اليقين بالشكّ ، بخلاف غيره ؛ فإنّ الجري العملي فيه بنفسه ينتقض ، ولا تصحّ هذه العناية فيه.
وبتقريب آخر : يتوقّف صدق نقض اليقين بالشكّ على أن يكون زمان الشكّ ممّا تعلّق به اليقين في زمان حدوثه ؛ بمعنى أنّ الزمان الذي يشكّ في بقاء المتيقّن فيه كان متعلّق اليقين عند حدوثه ، وهذا إنّما يتمّ إذا كان المتيقّن مرسلا بحسب الزمان ؛ لكي لا يكون اليقين بوجوده من أوّل الأمر محدودا بزمان خاصّ ، مقيّدا بوقت مخصوص ، وإلّا ففيما بعد ذلك الحدّ يكون المتيقّن مشكوك الوجود من أوّل الأمر ، فلا يكون من نقض اليقين بالشكّ (١). انتهى.
أمّا تقريب الشيخ الأنصاري قدسسره هو كون قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» بمعنى «لا تنقض المتيقّن بالشكّ أو لا تنقض آثار المتيقّن بالشكّ» ، فهو خلاف الظاهر ؛ إذ لا وجه للتفكيك بين اليقين والشكّ من حيث المعنى ، إذا كان اليقين بمعنى المتيقّن لا بدّ من كون الشكّ بمعنى المشكوك مع أنّه لا يمكن الالتزام به ، وصرف كون اليقين طريقيّا لا يوجب أن يكون بمعنى المتيقّن ، فكما أنّ طريقيّة القطع في قولنا : «القطع حجّة» ـ أي منجّز ومعذّر ـ لا يوجب أن يصحّ القول : بأنّ «المقطوع حجّة» كذلك في قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ».
والمهمّ في تقريب المحقّق الهمداني قدسسره هو الالتزام باليقين التقديري لتصحيح إسناد النقض باليقين في ظرف الشكّ ؛ إذ اليقين الحقيقي متعلّق بحالة سابقة ، أي متعلّق بالنجاسة عند الزوال ـ مثلا ـ ففي ظرف الشكّ سواء حكمنا بالنجاسة أو لم نحكم بها ليس هذا عملا على طبق ذاك اليقين ولا نقضا له ، فلا بدّ لنا من
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٣٧٤ ـ ٣٧٦.