وليس هذا نقضا لليقين ، كما أنّ الأخذ بالحالة السابقة ليس عملا به ، بل هو أخذ بأحد طرفي الاحتمال ، فلا بدّ من تصحيح إضافة النقض إليه بالنسبة إلى زمان الشكّ من اعتبار وجود تقديري له ؛ بحيث يصدق بهذه الملاحظة أنّ الأخذ بالحالة السابقة عمل باليقين ، ورفع اليد عنه نقض له.
ومعلوم أنّ تقدير اليقين مع قيام مقتضيه هيّن عرفا ، بل لوجوده التقديري حينئذ وجود تحقيقي يطلق عليه لفظ اليقين كثيرا في العرف ، ألا ترى أنّهم يقولون : ما عملت بيقيني ، وأخذت بقول هذا الشخص الكاذب ، ورفعت اليد عن يقيني بقوله؟
وأمّا تقدير اليقين في موارد الشكّ في المقتضي فبعيد جدّا ، بل لا يساعد عليه استعمال العرف أصلا ، فتعميم اليقين في قوله : «اليقين لا ينقض بالشكّ» بحيث يعمّ مثل الفرض بعيد في الغاية (١).
وثالثها : ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله وملخّصه مع طوله ـ بعد الإشكال على الشيخ بأنّ المراد باليقين ليس هو المتيقّن ـ : أنّ المراد من نقض اليقين نقضه بما أنّه يستتبع الحركة على وفقه ، فأخذ اليقين في الأخبار باعتبار كونه كاشفا لا صفة ، فعناية النقض إنّما تلحق اليقين من ناحية المتيقّن ، ولهذا تكون إضافته إلى اليقين شائعة ، دون العلم والقطع ؛ وليس ذلك إلّا لأنّهما يستعملان غالبا في مقابل الظنّ والشكّ ، بخلاف اليقين ؛ فإنّ إطلاقه غالبا بلحاظ ما يستتبعه من الجري على ما يقتضي المتيقّن ، فتختصّ أخبار الباب بما إذا كان المتيقّن ممّا يقتضي الجري العملي على طبقه ؛ بحيث لو خلّى وطبعه لكان يبقى العمل على وفق اليقين ببقاء المتيقّن ، وهذا المعنى يتوقّف على أن يكون للمتيقّن اقتضاء
__________________
(١) حاشية المحقّق الهمداني على الرسائل ٨١ : ١٦.