هو قائم مقام الإطلاق ، فينحلّ عرفا هذا الحكم المتقيّد بالتأبيد وعدمه ، وتأبيده واستمراره ، فلو اعتبر اليقين في تمام ظرف الشكّ ؛ أي من أوّل وجوده إلى آخره يقدّر اليقين وينسب إليه النقض ، فلا مصحّح للتأبيد ، فإنّ الأمر المستمرّ الوجود إذا اعتبر من أوّل وجوده إلى آخره لا يصحّ اعتبار الاستمرار فيه ثانيا ؛ فإنّ الشيء المستمرّ لا يقع فيه استمرار آخر.
هذا إذا اعتبر اليقين في تمام ظرف الشكّ ، وإن اعتبر في أوّل زمان الشكّ واريد بيان تأبيد حكمه بلفظ (أبدا) فلا مصحّح لنسبة النقض إلى ما بعد ظرف التقدير بناء على تحقّقه.
فتلخّص ممّا ذكرنا : أنّ الظاهر من تأبيد الحكم أنّ اليقين المتعلّق بأمر سابق على الشكّ لا ينقض في ظرف الشكّ من أوّل زمانه إلى آخره.
ولكنّ الظاهر أنّ إشكاله الأخير لا يكون قابلا للمساعدة ، بل يمكن مناقشته بأنّ اليقين التقديري يرتبط بإسناد النقض باليقين ، وهو الموضوع في المقام ، فيكون فرض اليقين التقديري إلى آخر زمان الشكّ بعنوان بقاء الموضوع ، وأمّا ذكر لفظ (أبدا) فهو لبيان استمرار الحكم ، أي تأبيد عدم جواز نقض اليقين بالشكّ ، فوقع الخلط بين الحكم والموضوع في كلامه قدسسره.
وآخر ما أورد عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) أن قال : «وأيضا قوله في ذيل الصحيحة : «وإنّما ينقضه بيقين آخر» ليس حكما مجعولا ؛ ضرورة امتناع جعل إيجاب العمل على طبق اليقين ، فإنّه بمنزلة جعل الحجّيّة والكاشفيّة له ، فلا محالة تكون هذه الجملة لتعيين الغاية للحكم المتقدّم ، فتكون تأكيدا لاستمرار الحكم إلى زمان يقين آخر ، أو لإفادة استمراره حتّى مع وجود
__________________
(١) الاستصحاب : ٣٥.