الظنّ إن اريد بالشكّ ما هو المصطلح ، لا عدم العلم ، فيفهم من هذه الغاية أنّ المتكلّم اعتبر ثلاثة امور : اليقين السابق ، والشكّ المستمرّ ، واليقين المتأخّر ، فقال : إنّ حكم اليقين بالأمر السابق مستمرّ في زمان الشكّ ولا ترفع اليد عنه إلى زمان اليقين بخلافه».
فاعتبار اليقين في ظرف الشكّ ممّا لا تساعده هذه الاعتبارات.
وبالجملة ، إنّ التأمّل في الصحيحة صدرا وذيلا ممّا يشرف بالفقيه على القطع بأنّ اليقين في الكبرى هو اليقين المحقّق الفعلي المتعلّق بالشيء في الزمان السابق ، لا المقدّر المفروض في زمان الشكّ.
والتحقيق : أنّ جميع ما أورده قدسسره على المحقّق الهمداني رحمهالله قابل للمساعدة إلّا ما ذكرناه من الخلط في كلامه.
وأمّا ما ذكره المحقّق النائيني رحمهالله فحاصله : أنّ المراد من اليقين نفس المتيقّن ممّا لا يمكن المساعدة عليه ـ كما يظهر من الشيخ ـ بل المراد من نقض اليقين نقضه بما أنّه يستتبع الحركة على وفق المتيقّن ، فأخذ اليقين في الأخبار إنّما يكون باعتبار كونه كاشفا وطريقا إلى المتيقّن ، لا بما أنّه صفة قائمة في النفس ، فعناية النقض إنّما تلحق اليقين من ناحية المتيقّن.
ثمّ ذكر أنّه لم يعهد استعمال النقض في العلم والقطع فإنّ إطلاق العلم والقطع يكون في مقابل الظنّ والشكّ غالبا ، بخلاف اليقين ؛ فإنّ إطلاقه غالبا يكون بلحاظ ما يستتبعه من الجري على ما يقتضيه المتيقّن والعمل على طبقه ، وهذا المعنى يتوقّف على أن يكون للمتيقّن اقتضاء البقاء في عمود الزمان ليتحقّق الجري العملي على طبقه ، ويصحّ ورود النقض على اليقين بعناية المتيقّن ، بخلاف ما إذا لم يكن للمتيقّن اقتضاء البقاء في سلسلة الزمان ، فإنّ الجري