وأمّا إذا احتمل عروضها في البين فيمكن التمسّك بالاستصحاب لتصحيحها ، لا لأنّ أصالة عدم عروض النجاسة إلى الآن تثبت حدوثها ؛ ضرورة مثبتيّة هذا الأصل ، بل لأنّ أصالة عدم عروض النجاسة إلى الآن إنّما هي لتصحيح حال الجهل بها ، وحال العلم بالتلبّس يكون المصلّي شاكّا في كون هذه النجاسة الموجودة حادثة حتّى لا تكون مانعة أو باقية من الأوّل حتّى تكون مانعة ، فيكون شاكّا في مانعيّتها ، فتجري أصالة البراءة العقليّة والشرعيّة كما في اللباس المشكوك فيه.
فلا يخفى أنّ بين الصورتين فرقا بحسب الاصول والقواعد ، كما فرّق بينهما الإمام عليهالسلام فدلالة الرواية على حجّيّة الاستصحاب لا إشكال فيها.
الثالثة : صحيحة اخرى لزرارة عن أحدهما عليهماالسلام قال : قلت له : من لم يدر في أربع هو أو في ثنتين ، وقد أحرز الثنتين؟ قال : «يركع ركعتين وأربع سجدات ، وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد ولا شيء عليه ، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها أخرى ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ ، ولا يدخل الشكّ في اليقين ، ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنّه ينقض الشكّ باليقين ، ويتمّ على اليقين فيبنى عليه ، ولا يعتدّ بالشكّ في حال من الحالات» (١).
يحتمل أن يكون قوله : «يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهّد» ظاهرا في إتيان الركعتين مستقلّا ؛ إذ الظاهر منه تعيّن الفاتحة ، وإتيان الركعة المشكوكة منفصلة موافق لمذهب الخاصّة ومخالف لمذهب
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٢١ ، الباب ١٠ ، الحديث ٣ ، والباب ١١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة والتهذيب.