في العلّة بأجزائها من ربط خاصّ ، به كانت مؤثّرة في معلولها ، لا في غيره ، ولا غيرها فيه ، وإلّا لزم أن يكون كلّ شيء مؤثرا في كلّ شيء ، وتلك الخصوصيّة لا يكاد يوجد فيها بمجرّد إنشاء مفاهيم العناوين ، ومثل قول : دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة إنشاء لا إخبارا ؛ ضرورة بقاء الدلوك على ما هو عليه قبل إنشاء السّببيّة له ، من كونه واجدا لخصوصيّة مقتضية لوجوبها أو فاقدا لها ، وأنّ الصلاة لا تكاد تكون واجبة عند الدلوك ما لم يكن هناك ما يدعو إلى وجوبها ، ومعه تكون واجبة لا محالة وإن لم ينشأ السببيّة للدلوك أصلا.
ومنه انقدح أيضا عدم صحّة انتزاع السببيّة له حقيقة من إيجاب الصلاة عنده ؛ لعدم اتّصافه بها بذلك ضرورة.
نعم ، لا بأس باتّصافه بها عناية ، وإطلاق السبب عليه مجازا ، كما لا بأس بأن يعبّر عن إنشاء وجوب الصلاة عند الدلوك ـ مثلا ـ بأنّه سبب لوجوبها ، فكنّى به عن الوجوب عنده.
فظهر بذلك أنّه لا منشأ لانتزاع السببيّة وسائر ما لأجزاء العلّة للتكليف ، إلّا ما هي عليها من الخصوصيّة الموجبة لدخل كلّ فيه على نحو غير دخل الآخر ، فتدبّر جيّدا.
وأمّا النحو الثاني : فهو كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة والقاطعيّة ، لما هو جزء المكلّف به وشرطه ومانعة وقاطعه ، حيث إنّ اتّصاف شيء بجزئيّة المأمور به أو شرطيّته أو غيرهما لا يكاد يكون إلّا بالأمر بجملة امور مقيّدة بأمر وجودي أو عدمي ، ولا يكاد يتّصف شيء بذلك ـ أي كونه جزء أو شرطا للمأمور به ـ إلّا بتبع ملاحظة الأمر بما يشتمل عليه مقيّدا بأمر آخر ، وما لم يتعلّق به الأمر كذلك لما كاد اتّصف بالجزئيّة أو الشرطيّة ، وإن أنشأ الشارع