بأحد وجهين :
أوّلهما : أنّ التعبير بالبقاء في تعريف الاستصحاب بلحاظ صدقه في الزمانيّات وإن لم يصدق في نفس الزمان.
وثانيهما : أنّ البقاء أعمّ من الحقيقي كما في الزمانيّات ، والمسامحي كما في الزمان ، وإلّا فالعبرة بالشكّ في وجوده العلم بتحقّقه قبل زمان الشكّ ، وإن كان تحقّقه بنفس تحقّق زمان الشكّ (١).
والتحقيق بعد ملاحظة هذه المباحث : أنّه لا بدّ من البحث في مقامين :
الأوّل : في أنّ الشكّ في البقاء حقيقة معتبر في الاستصحاب أم لا؟ وأنّه على فرض اعتباره ، ما الدليل على ذلك؟
الثاني : أنّ الاستصحاب يجري في الزمان والحركة وأمثال ذلك أم لا؟
أمّا المقام الأوّل فالتحقيق : أنّ الشكّ في البقاء معتبر في الاستصحاب ، والدليل على ذلك لا يكون تعاريف القوم ـ بإبقاء ما كان وأمثال ذلك ـ إذ لا دليل لحجّيّتها ، بل يستفاد هذا المعنى من أدلّة الاستصحاب ؛ لأنّ مقتضى قوله : «لا ينقض اليقين بالشكّ» أنّ اليقين الفعلي لا ينقض بالشكّ الفعلي ، ولازمه أن يكون هنا شكّ فعليّ متعلّق بعين ما تعلّق به اليقين الفعلي ، ولا يتصوّر ذلك إلّا بأن يكون الشكّ في بقاء ما علم وجوده سابقا ، فقوله : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا» (٢) عبارة اخرى عن الشكّ في بقاء الطهارة.
وأمّا المقام الثاني فلا مانع من جريان الاستصحاب في الزمان ، لوحدة
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧٥٩.
(٢) الوسائل ٢ : ١٠٥٣ ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ١.