ولا إشكال في استصحاب بقاء الحرمة والنجاسة للعنب في كلّ من الوجهين كما تقدّم.
وليس هذا مراد القائل بالاستصحاب التعليقي ، ونحن لا نتصوّر للشكّ في بقاء ، النجاسة والحرمة للعنب المغلي وجها آخر غير الوجهين المتقدّمين ، فالاستصحاب التعليقي بمعنى المذكور لا يرجع إلى استصحاب عدم النسخ ، ولا إلى استصحاب الحكم عند فرض وجود الموضوع بجميع أجزائه وقيوده ، وتبدّل بعض حالاته ممّا لا أساس له ولا يرجع إلى معنى محصّل (١).
ويرد عليه : أوّلا : أنّ كون الاستصحاب التعليقي بمعنى الشكّ في بقاء الحكم المترتّب على موضوع مركّب من جزءين عند فرض وجود أحد جزئيّة وتبدّل بعض حالاته قبل فرض وجود الجزء الآخر ... ليس بصحيح ؛ إذ لا تعليق أصلا في بعض الموارد التي ذكرها بعنوان المثال ، كقوله : «العنب المغلي يحرم وينجس» وإن كان مفهومه أنّ «العنب غير المغلي ليس بحرام» ، ولكنّه لا يرتبط بالاستصحاب التعليقي ؛ لعدم التعليق فيه حكما وموضوعا ، وهو نظير قولنا : «جاءني زيد العالم».
أمّا في قوله «العنب إذا غلى يحرم وينجس» بعد تصريحه بأنّ الشرط يرجع إلى الموضوع ويكون من قيوده ، فلا تعليق في الحكم أصلا ، وتعليق الموضوع لا يكون ملازما لتعليق الحكم ، والغرض في الاستصحاب التعليقي هو استصحاب الحكم التعليقي وذكرنا في ما تقدّم أنّ محلّ النزاع في الاستصحاب التعليقي ما كان الحكم في لسان الشارع والدليل الشرعي معلّقا على شيء ، مثل : قوله : «إن جاءك زيد فأكرمه» معناه أن وجوب الإكرام معلّق على مجيء
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٦٠ ـ ٤٦٨.