الشكّ بالاستصحاب.
ثالثا : أنّه قال بجريان الاستصحاب في القسم الثاني من الحكم الكلّي ومثّل بقوله : «الماء المتغيّر نجس» بخلاف القسم الثالث الذي نسمّيه بالاستصحاب التعليقي ، مثل : قوله : «العنب المغلي يحرم» مع أنّه لا فرق بين هاتين العبارتين ، فما الدليل على تحقّق الحكم الكلّي في الأوّل وجواز استصحابه وعدم تحقّقه في الثاني وعدم جواز استصحابه؟
ومبنى الشيخ الأنصارى رحمهالله هو إنكار الواجب المشروط وإرجاع جميع القيود إلى المادّة والموضوع دون الهيئة ، ومعنى قوله : «إن جاءك زيد فأكرمه» عبارة عن «أكرم زيدا الجائي» فلا يبقى مجال لاستصحاب الحكم التعليقي عنده هاهنا.
ولذلك عدل عن الاستصحاب التعليقي فيما نحن فيه إلى جريان الاستصحاب التنجيزي بأنّ الغليان حال العنبيّة كان سببا للحرمة ، فالاستصحاب بقاء السببيّة حال الزبيبيّة أيضا أو بقاء الملازمة بين الغليان والحرمة حال الزبيبيّة ، وهذه السببيّة متحقّقة بالفعل من دون التعليق ؛ لأنّها مستفادة من حكم الشارع بأنّ العصير العنبي يحرم إذا غلى ، فيستفاد أنّ الزبيب بعد الغليان يصير نجسا وحراما (١).
والتحقيق : أنّ الأقوال في الأحكام الوضعيّة ثلاثة :
الأوّل : عدم كونها قابلة للجعل ، لا بالأصالة والاستقلال ولا بالتبع ، كما قال به المحقّق النائيني رحمهالله.
الثاني : كونها قابلة للجعل الاستقلالي ، مثل : أن يقول الشارع : «جعلت
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ٧٧٠.