والتكوينيّة.
سلّمنا أنّ في مرحلة تكوين الواقعيّات لا ينفكّ اليقين بالملزوم عن اليقين باللازم والملازم ، وهكذا الظنّ بالملزوم مساوق للظنّ باللازم ، والملازم ، وأمّا في مرحلة التعبّد فلا يصحّ التعدّي من دائرة المتعبّد به إلى اللوازم والملزومات ، بل لا بدّ من التعبّد بالمدلول المطابقي للدليل والمخبر به ، فلا فرق في التعبّد بمفاد المطابقي والقدر المتيقّن من الدليل بين دليل الأصل والأمارة ، فكما أنّ قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» لا يتعدّى من القضيّة المتيقّنة والمشكوكة كذلك قوله «صدّق العادل» ـ مثلا ـ لا يتعدّى عن المخبر به.
وأمّا إن كان دليل اعتبار الأمارات بناء العقلاء ، وحجّيّتها كانت إمضائيّة ـ كما هو التحقيق ـ فلا بدّ من معاملتها معاملة بناء العقلاء من ترتّب جميع الآثار واللوازم بلحاظ حصول الوثوق والاطمئنان بها.
وقال المحقّق النائيني رحمهالله : إنّ وجهه اختلاف المجعول في باب الأمارات والاصول ، فإنّ المجعول في الأوّل هو الطريقيّة والكاشفيّة واعتبارها علما بالتعبّد فكما أنّ العلم الوجداني بالشيء يقتضي ترتّب آثاره وآثار لوازمه كذلك العلم التعبّدي الجعلي ، وفي الثاني هو مجرّد تطبيق العمل على مؤدّى الأصل والجري العملي على طبق اليقين السابق ، وحيث إنّ اللازم لم يكن متيقّنا فلا وجه للتعبّديّة (١).
وفيه : أنّه لا يمكن أن تكون الطريقيّة التعبديّة دليلا على حجّيّة مثبتات الأمارات ، فإنّها لا تكون طريقيّة تكوينيّة عقلائيّة حتّى يترتّب عليها جميع الآثار واللوازم.
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٨٤ ـ ٤٨٧.