فالمعقول من حكم الشارع بحياة زيد وإيجابه ترتيب آثار الحياة في زمان الشكّ هو حكمه بحرمة تزويج زوجته والتصرّف في ماله ، لا حكمه بنموّه ونبات لحيته ؛ لأنّ هذه غير قابلة لجعل الشارع.
نعم ، لو وقع نفس النموّ ونبات اللحية موردا للاستصحاب أو غيره من التنزيلات الشرعيّة أفاد ذلك جعل آثارهما الشرعيّة دون العقليّة والعاديّة ، لكنّ المفروض ورود الحياة موردا للاستصحاب».
ثمّ قال : «والحاصل : أنّ تنزيل الشارع المشكوك منزلة المتيقّن كسائر التنزيلات إنّما يفيد ترتيب الأحكام والآثار الشرعيّة المحمولة على المتيقّن السابق ، فلا دلالة فيها على جعل غيرها من الآثار العقليّة والعاديّة ؛ لعدم قابليّتها للجعل ، ولا على جعل الآثار الشرعيّة المترتّبة على تلك الآثار ؛ لأنّها ليست آثار نفس المتيقّن ولم يقع ذوها موردا لتنزيل الشارع حتّى تترتّب هي عليه» (١).
وكان لاستاذنا السيّد الإمام رحمهالله هنا بيان مفصّل ويستفاد منه دليل آخر على عدم حجّيّة الاصول المثبتة ، ولا بدّ من ذكر مقدّمة لتوضيح مراده ، وهي : أنّه يتصوّر للمستصحب ـ مثل حياة زيد ـ في المرحلة الاولى اللازم الشرعي واللازم العقلي واللازم العادي ، وفي المرحلة الثانية يمكن أن يكون لكلّ واحد من هذه اللوازم أثر شرعيّ ، فلا إشكال في ترتّب الأثر الشرعي الواقع في المرحلة الاولى على استصحاب حياة زيد ـ مثلا ـ وأمّا الآثار الشرعيّة المتحقّقة في المرحلة الثانية المترتّبة على اللازم العقلي أو العادي فهي القدر المتيقّن من مثبتات الاصول ، ومحلّ البحث هنا.
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ٧٧٦.