استصحاب الخمريّة ، وبعد التعبّد بأنّ هذا المائع خمر بالاستصحاب وإحراز الموضوع وتحقّقه ينطبق عليه حكم الشارع بأنّ الخمر حرام ، كما أنّ البيّنة تكون محرزة ومبيّنة للموضوع لا تكون متكفّلة لبيان الحكم ، وهكذا الاستصحاب يكون كذلك ، فترتّب الحكم في استصحاب الموضوعات لا يرتبط بالاستصحاب.
فإذا كان المستصحب هو الخمريّة وكان له لازم شرعي ـ أي الحرمة ـ وكان للازمه أيضا لازم شرعي آخر ـ أي ارتداد منكر حرمته ـ فيستفاد من قوله «لا تنقض اليقين بالشكّ» التعبّد بأنّ هذا المائع خمر وإحراز الموضوع فقط ، والحرمة تستفاد من دليل آخر ، مثل : كلّ خمر حرام ، وارتداد منكر حرمته من دليل ثالث ، فلا يرتبط حكم الأثر وحكم أثر الأثر بدليل الاستصحاب ، كما لا يخفى ، بل كلّ أثر شرعي يصير موضوعا لأثر من بعده ، وهكذا إلى سائر الآثار الشرعيّة الطوليّة.
ولا يتوهّم جريان هذا المعنى في الآثار الشرعيّة المترتّبة على اللوازم العقليّة والعاديّة أيضا ، فإنّه لا دليل لنا لإحراز نفس اللوازم ، لا بالعلم ولا بالبيّنة ولا بالتعبّد ؛ لمحدوديّة دائرة دليل التعبّد بالمتعبّد به ـ أي المتيقّن والمشكوك ـ فلا يتعدّى عمّا يترتّب عليه بلا واسطة ، فإذا احرزت حياة زيد بالاستصحاب يترتّب عليها حرمة التزويج بزوجته ، وحرمة تقسيم أمواله ، وأمّا نبات لحيته أو بياض لحيته أو كونه في السنّ كذا ، فلا يحرز لنا بأيّ دليل حتّى يترتّب عليها آثارها الشرعيّة ، وهذا دليل الافتراق بين الآثار الشرعيّة المترتّبة على الآثار الشرعيّة ، والآثار الشرعيّة المترتّبة على اللوازم العقليّة والعاديّة.