«لا تنقض اليقين بالشكّ» ، فيحكم بطهارة اليد به ، فإذا كانت طهارة اليد موضوعا لأثر شرعي فلا يمكن أن يكون دليل لا تنقض حاكما بوجوب ترتّبه عليها ؛ لعدم تكفّل هذا التعبّد لإيجاد مصداق تعبّدي لقوله : «لا تنقض اليقين» حتّى يقال : إنّه قضيّة حقيقيّة تشمل ما وجد بنفس التعبّد.
كما لا يمكن دعوى إلغاء الخصوصيّة عرفا أو العلم بالمناط بعد عدم كونه مصداقا للكبرى ولو تعبّدا ، وبعد كون ترتّب الأثر على الموضوع لأجل تعلّق اليقين ، وهو مفقود ، فدعوى وحدة المناط أو إلغاء الخصوصيّة مجازفة محضة.
إنّما الكلام في مفاد قوله «لا تنقض اليقين بالشكّ» بالنسبة إلى الاستصحاب الجاري في الموضوعات ، مثل : استصحاب عدالة زيد أو خمريّة هذا المائع ، ويستفاد من كلام صاحب الكفاية رحمهالله أنّ مفاده جعل الحكم المماثل بلا فرق بين الاستصحاب الجاري في الأحكام والموضوعات ، فمعنى استصحاب الخمريّة أنّ هذا المائع كان في السابق حراما والآن أيضا يكون حراما (١).
والتحقيق : أنّ الاستصحاب الجاري في الموضوعات لا يكون ناظرا إلى الأحكام والآثار ، ومفاده التعبّد ببقاء المستصحب وإن كان له آثار وأحكام في الشريعة ، فمفاد استصحاب الخمريّة أنّه أيّها المنقاد للشرع ، تعبّد بأنّ هذا المائع خمر ، كما أنّ مفاد البيّنة أيضا يكون كذلك إلّا أنّ حجّيّتها على نحو الطريقيّة بلا فرق بينهما من حيث المفاد.
والقاعدة أيضا تقتضي ذلك ؛ إذ المشكوك فيه فعلا والمتيقّن سابقا عبارة عن نفس عنوان الموضوع بدون لحاظ الأحكام والآثار ، وربّما لا يلتفت الشاكّ إليها أصلا ، فمفاد استصحاب الحرمة هو جعل الحكم المماثل بخلاف
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣٢٥.