ووجوب الموافقة واستحقاق العقوبة كلّها من آثار الحكم الواقعي عقلا ، وأمّا الأحكام الظاهريّة فليس في موافقتها ولا مخالفتها من حيث هي شيء ؛ لأنّها أحكام طريقيّة للتحفّظ على الواقع ، فخطاب : «لا تنقض» كخطاب : «صدق العادل» ـ مثلا ـ ليس من الخطابات النفسيّة التي يحكم العقل بوجوب موافقتها وحرمة مخالفتها من حيث هي ، ولا يكون في موافقتها ثواب ولا في مخالفتها عقاب إلّا انقيادا أو تجرّيا ، وإنّما يحكم العقل بلزوم الإتيان بمؤدياتها ؛ لكونها حجّة على الواقع ، فيحكم العقل من باب الاحتياط بلزوم موافقتها لا لكونها أحكاما ظاهريّة ، بل لاحتمال انطباقها على الواقع ، فاستحقاق العقوبة إنّما هو على مخالفة الواقع لا الحكم الظاهري» (١).
__________________
(١) الاستصحاب : ١٧٠.