وأمثلته كثيرة :
منها : ما لو علمنا بكرّيّة الماء القليل وملاقاته النجس ، وشككنا في تقدّم الكرّيّة على الملاقاة وتأخّرها عنها ، وما هو موضوع للأثر الشرعي عبارة عن عدم الكرّيّة في زمان الملاقاة من الانفعال والنجاسة ، ولا أثر لعدم الملاقاة في زمان الكرّيّة.
ومنها : ما لو علمنا بموت الوالد واسلام الولد ، وشككنا في تقدّم موت الوالد على إسلام الولد وتأخّره عنه ، ويترتّب الأثر على عدم إسلام الولد إلى زمان موت الوالد ، وهو عدم إرثه منه ، ولا أثر لعدم موت الوالد إلى زمان إسلام الولد.
ففي مثل هذه الأمثلة يجري الاستصحاب على مسلك الشيخ رحمهالله في أحد الطرفين لعدم المعارض ؛ لعدم الأثر للاستصحاب في الطرف الآخر.
ولا يجري الاستصحاب على مذهب صاحب الكفاية رحمهالله وتوضيح كلامه يحتاج إلى بيان مقدّمتين :
الاولى : المعتبر في الاستصحاب اتّصال زمان الشكّ باليقين ، بمعنى أن لا يتخلّل بين اليقين المتعلّق بشىء وبين الشكّ في بقائه يقين آخر مضادّ له ، فإنّه مع تخلّل اليقين المضادّ لا يعقل الشكّ في البقاء ؛ لعدم صدق نقض اليقين بالشكّ بالنسبة إلى اليقين الأوّل ، بل يصدق نقض اليقين باليقين ، فالمقصود من زمان اليقين والشكّ هو زمان المتيقّن والمشكوك لا زمان نفس صفة اليقين والشكّ.
الثانية أنّه مرّ في باب العامّ والخاصّ أنّ التمسّك بالعامّ في شبهة مصداقيّة المخصّص ليس بجائز عند أكثر المحقّقين ، بخلاف بعض ، مثل صاحب العروة رحمهالله ، وأمّا التمسّك بالدليل في شبهة مصداقيّة نفس الدليل فلا شكّ في عدم جوازه ؛