الواجبات المشروطة ، ومن خصوصيّته ترتّب استحقاق العقوبة على مخالفته ، مع أنّ له محبوبيّة ومطلوبيّة للتّهيّؤ للواجب النفسي الذاتي الآخر لا لنفسه ، كأنّه برزخ بين الوجوب الغيري والنفسي الذاتي ، فيكون استحقاق العقوبة لترك الفحص والتبيّن فيما إذا كان مؤدّيا إلى مخالفة التكليف الوجوبي في ظرفه ، لا لمخالفة التكليف اللزومي المشروط أو الموقّت (١).
والتزم صاحب الكفاية رحمهالله بتوسعة هذا المعنى في الواجبات المطلقة أيضا ، وأنّه لا مانع من الالتزام باستحقاق العقوبة على ترك التفحّص والتعلّم الواجب بالوجوب النفسي التهيّئي فيها (٢).
ولا بدّ لنا من البحث أوّلا في إمكان الوجوب النفسي التهيّئي ثبوتا ، وعلى فرض إمكانه هل تتحقّق الملازمة بين تركه واستحقاق العقوبة أم لا؟ وثانيا : هل الدليل العقلي أو النقلي يدلّ على إثباته أم لا؟
ربّما يقال بعدم إمكانه ؛ إذ لا يعقل اتّصاف المقدّمة بالوجوب الغيري قبل اتّصاف ذيها بالوجوب النفسي فضلا عن الوجوب النفسي التهيّئي ، فلا يمكن اتّصاف التفحّص والتعلّم به بعنوان المقدّمة الواجبة كما هو المفروض.
والجواب عنه : أوّلا : نمنع مقدّميّة التفحّص والتعلّم للواجب.
وثانيا : على فرض المقدّميّة نمنع تبعيّة وجوب المقدّمة دائما لفعليّة وجوب ذيها ، كما مرّ. فلا إشكال في إمكانه لجعل المولى وجوبا نفسيّا تهيّئيّا للتّفحص والتعلّم قبل تحقّق شرط الواجب المشروط ، ولا يكون مخالفا لأيّ حكم من الأحكام العقليّة المسلّمة.
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٥٨ ، نقلا عنهما.
(٢) المصدر السابق.