الرتبة المتقدّمة تجري أصالة العموم من غير معارض ، فيرجع التخصيص أو التقييد إلى الرتبة المتأخّرة.
ثمّ قال : اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ العقلاء في إجراء الاصول لا ينظرون إلى أمثال هذه التقدّمات والتأخّرات الرتبيّة.
وأجاب عنه بقوله : ويمكن أن يقال : إنّه بعد ورود قوله : «أكرم العلماء في كلّ يوم» الذي هو الحجّة على مفاده إذا ورد دليل على عدم وجوب إكرام زيد ، وكان المتيقّن منه هو عدمه يوم الجمعة ـ مثلا ـ فرفع اليد عن العموم أو الإطلاق في غير يوم الجمعة رفع اليد عن الحجّة من غير حجّة لدى العقلاء.
ثمّ قال في ذيل كلامه : والتحقيق عدم جريان أصالة العموم والإطلاق في التحتاني ؛ لما حقّقناه في العامّ والخاصّ من أنّ مورد جريانهما فيما إذا شكّ في المراد لا فيما علم المراد ودار الأمر بين التخصيص والتخصّص ، مضافا إلى أن هذه الاصول إنّما جرت في مورد يترتّب عليها أثر عملي لا مطلقا ، فحينئذ نقول : إنّ جريانهما في التحتاني غير ذي أثر ؛ للعلم بخروج اليوم الأوّل ـ مثلا ـ فلا يعقل جريانهما لإدخال ما علم خروجه.
ولو اجري الأصل لإثبات لازمه وهو ورود التخصيص على الفوقاني فمع بطلانه في نفسه ـ لأنّ إثبات اللازم فرع إثبات الملزوم الممتنع في المقام ـ يلزم من إثبات اللازم عدم الملزوم ؛ لأنّه موضوعه ، ومع رفعه يرفع الحكم ، فيلزم من وجوده عدم الوجود. وأيضا إنّا نعلم بعدم جريان ، الأصل في التحتاني ؛ إمّا لورود التخصيص به أو بالفوقاني الرافع لموضوعه ، فتدبّر جيّدا (١).
وحاصل كلامه : أنّ إكرام زيد في يوم السبت مشكوك فيتمسّك بأصالة
__________________
(١) الاستصحاب : ١٩٧ ـ ٢٠٠.