وملاحظة النقض بالنسبة إلى المتيقّن ، وكون قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» بمعنى لا تنقض الطهارة المتيقّنة بالشكّ ، وعدم إمكان استعمال كلمة «النقض» في المتيقّن الذي لا يكون صالحا للبقاء وجعله شاهدا لانحصار الاستصحاب في الشكّ في الرافع فقط ـ فلا مجال للاستدلال في ما نحن فيه بمقابلة الشكّ لليقين وأن المراد من الشكّ في الأدلّة هو غير اليقين.
ولذا تمسّك الشيخ رحمهالله بأدلّة اخرى ، وذكر صاحب الكفاية رحمهالله دليلين منها ، وهما الأوّل : الإجماع القطعي على اعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف على تقدير اعتباره من باب الأخبار (١).
ويرد عليه : أوّلا : أنّ الإجماع المنقول ليس بحجّة ، والمحصّل منه بعد العلم بمستند المجمعين لا مجال له.
وثانيا : أنّ الإجماع على قضيّة تعليقيّة كيف يتصوّر أن يكون كاشفا عن رأي المعصوم؟! فلا يكون الاستدلال بالإجماع قابلا للبيان.
الثاني : أنّ الظنّ الغير المعتبر ـ بارتفاع الحالة السابقة ـ إن علم بعدم اعتباره بالدليل كالظنّ المتولّد من القياس فمعناه أنّ وجوده كعدمه عند الشارع ، وأنّ كلّ ما يترتّب شرعا على تقدير عدمه فهو المترتّب على تقدير وجوده ، وإن كان ممّا شكّ في اعتباره فمرجع رفع اليد عن اليقين بالحكم الفعلي السابق بسببه إلى نقض اليقين بالشكّ ، فتأمّل جيّدا (٢).
ويرد عليه : أوّلا : سلّمنا أنّ الدليل القطعي قائم على أنّ الظنّ القياسى ليس بحجّة ، ومعناه عدم إثبات مظنونه به شرعا وتعبّدا ، وليس معناه أنّه ليس بظنّ
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، فرائد الاصول ٢ : ٨٠٦.
(٢) المصدر السابق.