جريان الاستصحاب هو اتّحاد القضيّة المشكوكة مع المتيقّنة موضوعا ومحمولا ، فلا إشكال في البين ، وهذا المعنى يستفاد من نفس أدلّة الاستصحاب.
ثمّ إنّ الشيخ رحمهالله ـ بعد القول بأنّ المراد ببقاء الموضوع هو معروض المستصحب ـ استدل بالدليل العقلي على اعتبار هذا الشرط في جريان الاستصحاب ، وحاصل كلامه :
أنّه إذا قلنا بعدم اعتبار بقاء الموضوع والمعروض ، مع أنّ معنى الاستصحاب إبقاء العرض والمستصحب في الزمان اللاحق ، فيتصوّر تحقّق العرض بدون المعروض على ثلاثة وجوه : الأوّل : أن يتحقّق العرض في الخارج بلا موضوع ومعروض وهو ممتنع.
الثاني : أن يتحقّق العرض مع خصوصيّته في معروض آخر ، وهو أيضا ممتنع ؛ لاستحالة انتقال العرض العارض على معروض إلى معروض آخر ، فإنّ تشخّص العرض وجودا بالمعروض ، فكيف يمكن عروضه مع تشخّصه على معروض آخر؟
الثالث : أن يحدث مثل هذا العرض في موضوع جديد فيخرج عن الاستصحاب ، فالمعتبر هو العلم ببقاء الموضوع حتّى يصدق عنوان «إبقاء ما كان» (١).
ويرد عليه : أوّلا : أنّ الاستدلال بالدليل العقلي في الاستصحاب المتّخذ من الأدلة الشرعيّة ليس بصحيح.
وثانيا : أنّ انفكاك المستصحب عن الموضوع وانحصاره في المحمول بعد
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٨٠٩.