المراد منه التعارض الاستقراري فهو منفيّ بهذه الآية ، ولا يتحقّق في القرآن ، وإن كان المراد منه التعارض البدوي فلا يرتبط بالقاعدة.
وأمّا إن كان التعارض بين الروايتين المتواترين بحسب الظاهر فلا ينحصر طريق الالتئام بينهما بما ذكره قدسسره ، وهو حمل أحدهما على التقيّة وصدوره خوفا واتّقاء لدماء الشيعة ، وهذا لا ينافي تواتر السند كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ خروج النصّ والظاهر ، والأظهر والظاهر من الأخبار العلاجيّة يكون خروجا موضوعيّا ؛ إذ الموضوع فيها الخبران المتعارضان والحديثان المختلفان ، وبعد تحقّق الجمع الدلاليّ المقبول عند العقلاء بينهما فلا يبقى عنوان التعارض والاختلاف فيهما ، ولا فرق بينهما من هذه الجهة.
ولكنّ الشيخ الأنصاري قدسسره في المقام الرابع من رسالة التعادل والترجيح قائل بالفرق بين النصّ والظاهر ، والأظهر والظاهر من جهتين :
الجهة الاولى : أنّ خروج النصّ والظاهر من الأخبار العلاجيّة خروج موضوعيّ بخلاف الأظهر والظاهر ؛ فإنّ خروجهما منها خروج حكميّ ، مثل خروج الفسّاق من عموم «أكرم العلماء».
وجوابه أوّلا : أنّ خروج الأظهر والظاهر منها أيضا خروج موضوعيّ وإلّا يلزم أن يتحقّق التعارض بينهما في جميع الاستعمالات المجازيّة حقيقة ، مثل : «رأيت أسدا يرمي» ، وهذا ممّا لم يلتزم به أحد.
وثانيا : لو سلّمنا عدم خروجهما من موضوع التعارض لا شكّ في احتياج التخصيص والإخراج الحكميّ إلى الدليل المخرج ، مع أنّ المراد من التعارض فيها هو التعارض الاستقراري ـ أي بقاء التحيّر بعد التأمّل والدقّة أيضا ـ لا التعارض البدوي ، فلا دليل لخروجهما عنها.