كان الخاصّ مخصّصا للعامّ وخرج بعض الأفراد كالفسّاق عنه فيلزم إهمال الدلالة التبعيّة ، ولا يتصوّر هذا المعنى في مثل قوله : «تجب صلاة الجمعة» ، وقوله : «لا تجب صلاة الجمعة» ونحو ذلك ، مع كون الوجوب أمرا بسيطا كما ذكره صاحب الكفاية قدسسره
ومن هنا يستفاد أنّ مفاد القاعدة لا يكون شيئا جديدا ؛ إذ المراد من الجمع هو الجمع العقلائيّ والمقبول عند العقلاء ـ أي النصّ قرينة للتصرّف في الظاهر ، وهكذا الأظهر قرينة للتصرّف فيه ، والمقيّد قرينة للتصرّف في المطلق بعد ملاحظة التعارض البدوي بينهما ، وأمّا بالنسبة إلى العامّ والخاصّ فذكرنا في مقام التعليل لعدم شمول الأخبار العلاجيّة لهما أنّ التنافي والتعارض لا يتحقّق بينهما عند العرف ـ فإذا تحقّق الجمع العقلائي لا يتحقّق عنوان التحيّر والإبهام ، فلا محالة خارج عن دائرة الأخبار العلاجيّة ، والقاعدة بهذا المعنى لا تحتاج إلى دليل خاصّ وهي مورد قبول بلا إشكال ويساعدها العرف.
ولكن قد أتعب الشيخ الأنصاري قدسسره نفسه وأطال الكلام في فقدان الدليل الدال على القاعدة بمعناها المعروف ، وسلّم في خلال كلماته بجريانها في مورد بصورة الاستدراك ، وهو فيما إذا كان ظاهر الدليلين القاعدة مع كونهما مقطوعي الصدور كالآيتين أو الروايتين المتواترين ، فتكون قطعيّة السند قرينة للتصرّف في الظاهرين أو أحدهما بحملهما أو أحدهما على خلاف الظاهر ، فلا بدّ من التصرّف في مقام الدلالة (١).
وجوابه : أنّ القرآن ينادي بأعلى صوته : (لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(٢) ، فإذا فرضنا الاختلاف والتعارض بين الآيتين إن كان
__________________
(١) فرائد الاصول ٤ : ٢٧.
(٢) النساء : ٨٢.